102

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

ژانرونه

============================================================

كان جده دقماق أحد الأمراء في أيام الناصر محمد بن قلاوون، ونشأ هو سالكا طريقة الجند، وتعلق بأذيال الأدب، ومال إلى فن التاريخ فأكب عليه حتى كتب نحو المئتي سفر من تأليفه وغير ذلك. وكتب "تاريخا" كبيرا على السنين، و"تاريخا" آخر على الحروف.

وكتب "أخبار الدولة التركية" في مجلدين. وأفرد لاسيرة الملك الظاهر برقوق". وكتب "طبقات الحنفية" في آربع مجلدات، وامتحن بسببه، فإله تعرض في آوله إلى ذكر مناقب أبي حنيفة، رحمه الله، فذكر ما لا يجمل من الطعن في حق غيره، فلما اطلع بعض فقهاء الشافعية على ذلك من خطه امتعض وطلبه إلى مجلس القاضي، وادعى عليه بما كتبه من الطعن في حق بعض الأئمة، فاعترف أنه كتب ذلك، وأنه خطه.

فكشفت رأسه، وقئد إلى السجن ماشيا حاسرا، وكان القصذ قتله لولا عناية الله به، فأطلق، وما كان، والله، بمتهم في عقده بسوء، ولا عنده فحش في كلامه ولا في خطه، إلا أنه كان قليل الفقه، حسبه نقل ما يقف عليه حتى ربما ينسبه من علم حقيقة أمره إلى الغفلة؛ فمن ذلك أنه كان يستعير مجاميعي التي بخطي، فلما مات وقفت على أخبار الطاغية تيمورلنك من خطه، فإذا هو قد كتب فصلا في أخذ تيمور لحلب من خطي قد قلت فيه: "أخبرني من لا أتهم أنه شاهده، فكتب هو كما رأى "أخبرني من لا أتهم" فصار يوهم الناظر أنه هو الراوي للجزء، ولا والله وقف على ذلك الجزء إلا من خطي. ثم بعد ذلك شاهدت في الغفلة أعجب من ذلك، وهو أن ناصر الدين محمد بن عبدالرحيم بن الفرات الشاهد كتب تاريخا كبيرا، وكان صديقا للصارم ابن دقماق هذا، وينقل عنه في تاريخه كثيرا، فلما مات وقفت على قطعة من تاريخه بخطه، فمر بي منه هذا الموضع بعينه، وقد كتبه إما من خط ابن ذقماق، أو وقف على خطي عنده فقال هو أيضا: "أخبرني من لا أتهم" فصار الناظر في خط ابن الفرات يحسب أله هو راوي الجزء أيضا؛ وما ذاك إلا غفلة.

وكان الصارم، رحمه الله، عارفا بأمور الدولة الثركية، مذاكرا

مخ ۱۰۲