فقال باسما: تشكر!
فقلت في حياء: لا مؤاخذة على إزعاجك، قيل لي إن زعبلاوي صديقك، وأنا في أشد الحاجة إليه.
فقطب في اهتمام وقال: زعبلاوي؟! أنت في حاجة إليه؟ الله معك، ترى أين أنت يا زعبلاوي؟
فتساءلت في لهفة: ألا يزورك؟ - زارني منذ مدة، قد يحضر الآن، وقد لا أراه حتى الموت!
فتنهدت بصوت مسموع وتساءلت: لم كان كذلك؟
فتناول العود وهو يضحك، وقال: هكذا الأولياء؛ وإلا ما كانوا أولياء! - ويتعذب عذابي من يريدهم؟ - هذا العذاب من ضمن العلاج!
وأمسك بالريشة وراح يعابث الأوتار، فينطقها نغما عذبا، فتابعته شارد اللب، ثم قلت وكأنني أخاطب نفسي: إذن ضاعت زيارتي سدى!
فابتسم وهو يلصق خده بجنب العود، وقال: الله يسامحك، أيقال هذا عن زيارة عرفتني بك وعرفتك بي؟!
فخجلت أيما خجل وقلت معتذرا: لا تؤاخذني، أخرجني شعور الخيبة عن حدود الأدب. - لا تستسلم للخيبة، هذا الرجل العجيب يتعب كل من يريده، كان أمره سهلا في الزمان القديم، عندما كان يقيم في مكان معروف. اليوم الدنيا تغيرت، وبعد أن كان يتمتع بمكانة لا يحظى بها الحكام، بات البوليس يطارده بتهمة الدجل، فلم يعد الوصول إليه بالشيء اليسير، ولكن اصبر وثق بأنك ستصل.
ورفع رأسه عن العود، واتنظم العزف حتى صار مقدمة موسيقية واضحة، وإذ به يغني:
ناپیژندل شوی مخ