دموع البلياتشو
دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة
ژانرونه
قال سمير وهو يمد بصره إلى المساحة الخربة المملوءة بالحفر والأعشاب والأشواك والأوراق الجافة والأغصان المتيبسة: إن شاء الله تتكرر وفي أسعد الأحوال.
وتدخل الضيف النحيل وخرج عن صمته متهيبا: إن شاء الله، ما دام أبيقور العظيم قد حضر، كنا ننتظركم من وقت طويل.
ابتسم محمود وهو يتصفح وجه الضيف الذي بدا كصفحة مخطوط قديم، وقبل أن يفتح فمه أسرع سمير يقول: قبل أن تدخلا من أبواب التاريخ، الأستاذ قنديل محام وصديق ومثقف جدا يا عمي.
ابتسم محمود في أسى: طبعا طبعا، ثم وهو يتطلع في وجه الضيف ويشير إلى الخراب من حوله: ولكن حديقة عمك ميتة منذ سنين، ومهمة كل أبيقور هي أن يزرع حديقته، أليس كذلك؟ قال سمير ضاحكا: مع أني رجل حسابات وأرقام لا أعرف عمن تتحدثان، إلا أنها ستكون أفضل مما كانت ألف مرة، البلدوزر كفيل بكل شيء.
اشمأز محمود من الكلمة الأخيرة أو تجاهل معناها المقصود، فوجه قوله للضيف الذي لم يرفع عينيه عنه: مع أني لا أحلم بحكمة أبيقور، إلا أنني صممت على الرجوع للأصل ولم الشمل. ثم وهو ينظر إلى سمير: كنت لا تزال في علم الغيب عندما كان جدك رحمة الله عليه يجمعنا في هذه الحديقة، وكانت جدتك ...
تدخل سمير بسرعة وحسم ليقطع الخيط الذي أوشك أن يسحبهم إلى متاهات ربما يصعب إخراجهم منها: ستطمئن يا عمي عندما تسمع تفاصيل المشروع.
قال محمود مستفهما: المشروع؟ أسمعت هذه الكلمة من الدكتور صادق ومن عمك حامد. وثب سمير وثبة النمر قائلا: سيدنا الشيخ وقع عليه بالفعل، قلنا نبدأ به لتحل البركة على الجميع.
أراد محمود أن يقول إنه صاحب البيت والحديقة وكان عليه أن يستأذنه أولا، ولكنه لم يجد الظرف مناسبا للخوض في مسألة عائلية أمام الضيف الغريب، وأسرع هذا بالتقاط الخيط بعد أن لاحظ الوجوم الذي زحف على سحنة الكهل الذي سمع عنه كثيرا، وربما قرأ له وتمنى أن يلقاه: لقد عملنا حساب كل شيء، حقوقكم كلها محفوظة، ولم نوثق العقد ونمشي في الإجراءات إلا بعد توقيعكم عليه، وبالطبع لن يتم الهدم والإزالة إلا بعد موافقتكم.
ازداد وجوم محمود عندما سمع كلمتي الهدم والإزالة، أحس بانقباض شل عقله وأوشك أن يوقف قلبه الذي وضع يده عليه، وتكلف سمير ضحكة سرعان ما حلت محلها تكشيرة جادة على وجهه الضخم: المهم أن التمويل أيضا معمول حسابه، لن نكلفكم قرشا واحدا يا عمي، والأهم أن تبارك المشروع كما باركه عمي الشيخ حامد.
أفاق محمود مرتين على الرنين الغريب لكلمة «مهم» و«أهم»، وفكر قليلا في مشتقاتهما ثم قال مبتسما في استسلام: ندخل إذن في المهم!
ناپیژندل شوی مخ