Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
ژانرونه
الإيمان بالكتب السماوية
قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ﴾ [البقرة:٢٨٥]، وقد أنزل الله كتبًا كثيرة، ولكننا لا نعرف منها إلا الشيء اليسير والنزر القليل، فمنها: الإنجيل، والتوراة، والزبور، وصحف إبراهيم وغيرها، فالله ﷿ أمرنا أن نؤمن على سبيل الإجمال بأن الله ﵎ أرسل الرسل، وأنزل معهم الكتب، وقد أمرنا أن نؤمن إجمالًا وتفصيلًا بالكتاب الذي أنزله على نبينا محمد ﷺ، أما الكتب السابقة فقد دخلها التحريف، والزيغ، والتبديل، أنت لست مطالبًا بأن تؤمن بهذا، إنما أنت مطالب بأن تؤمن أن الله ﵎ أرسل عيسى وأنزل معه الإنجيل، وأرسل موسى وأنزل معه التوراة، فالتوراة كتاب الله ﷿ أنزله على موسى، والإنجيل كتاب الله ﷿ أنزله على عيسى، فيجب عليك بأن تؤمن أن أصل التوراة من الله، وأن أصل الإنجيل من الله، وأن أصل الزبور من الله، وأن أصل الصحف من الله، وأن القرآن الكريم الذي بين يديك، والذي نزل على نبيك محمد ﷺ هو كتاب الله ﷿ من أوله إلى آخره، لم يدخله التحريف ولن يدخله بإذن الله تعالى، وأنه كتاب محفوظ، والذي تولى حفظه هو الله ﷿، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:٩]، فالذي تولى حفظ هذا الكتاب، بل وحفظ السنة التي قالها النبي ﵊ هو المولى ﷿.
ولذلك فسر جماهير العلماء الذكر في الآية: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر:٩] بأنه الكتاب والسنة، وقالوا: الذكر منه المتلو ومنه غير المتلو وهو السنة، ولذلك قال عبد الله بن المبارك لما عرضت عليه الأحاديث الضعيفة والموضوعة قال: تعيش لها الجهابذة، أي: هذه الأحاديث سيأتي لها من ينخلها نخلًا ويميز بين صحيحها وسقيمها، فيبقى أصل العمل على ما صح وثبت من سنة النبي ﵊، وأما ما كان غير ذلك فلا يلزم، بل ولا يجوز العمل به؛ ولذلك فإننا نرى في كل عصر ومصر من تصدى للسنة بحق، وميز فيها بين الصحيح والدخيل، وهذا أيضًا مظهر من مظاهر حفظ الله ﷿ للوحيين: الكتاب، والسنة، كما أن القرآن قد تعرض للدس فيه من قبل النصارى والملاحدة، ولكن سرعان ما أيد الله ﷿ وسخر له من يبين فساد وعوار هذه الخطط الكفرية، التي أرادت الطعن في كتاب الله ﷿، وما حدث هذا في بلاد الكفر، بل حدث في مصر وفي بلد الأزهر، فقد سخر الله ﷿ المخلصين من أهل العلم لبيان هذا التحريف وهذا الزيغ قبل أن ينتشر بين أيدي الناس، وهذا مظهر عظيم من مظاهر حفظ الله ﵎ لكتابه وسنة نبيه ﷺ.
وكلما أُرسل نبي ونزل معه الكتاب نسخ الشريعة التي سبقته، وفيه أن بعض الشرائع كملتها الشريعة التي أتت بعد ذلك كشريعة اليهود لم تنسخ بشريعة عيسى، وإنما كانت متممة ومكملة لشريعة موسى ﵊، ولكن الله ﷿ فرض على اليهود أن يؤمنوا بعيسى ﵊، فكفروا بعيسى وبشريعته، وأن الله تعالى لما أرسل محمدًا نسخ جميع الشرائع السابقة وأبطلها، ولكنه فرض عليك أن تؤمن بها فقط؛ لأنها نزلت من عند الله، أما العمل بها فلا يجوز أبدًا، لأن الله ﵎ قد حباك ومنحك كتابًا ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ﴾ [فصلت:٤٢]، فهذا الكتاب الذي بين يديك دستور ليس هناك أحسن منه ولا أعظم منه دستور؛ لأن الذي وضعه والذي أمرك بالإيمان به هو العليم الخبير، وهو الذي يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم، فأنزل في هذا الكتاب ما يصلحهم وأمرهم به، ونهاهم عما يفسدهم، فلا يجوز لأحد أن ينفك عن أمر الله، كما أنه لا يجوز أن يهجم على مناهي الله؛ لأن الله ﵎ إذا أمرك بأمر وجب الامتثال، وإذا أخبرك بخبر وجب التصديق، وإذا نهاك بنهي وجب الانتهاء، وكل ذلك في الكتاب، وفي سنة النبي ﵊، فلا بد أن تؤمن أن هذا الكتاب الذي بين يديك ناسخ لجميع الكتب السابقة، وحاكم عليها ومسيطر ومهيمن عليها جميعًا، فأنت مطالب بالعمل بهذا الكتاب فقط.
8 / 7