عوِّدْ نفسك على التسليمِ بالقضاءِ والقدرِ، ماذا تفعلُ إذا لمْ تؤمنْ بالقضاءِ والقدرِ، هلْ تتخذُ في الأرضِ نفقًا أو سُلَّمًا في السماءِ، لنْ ينفعك ذلك، ولنْ ينقذك من القضاءِ والقدرِ. إذنْ فما الحلّ؟
الحلُّ: رضينا وسلَّمنا: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾ .
منْ أعنفِ الأيام في حياتي، ومن أفظعِ الأوقاتِ في عمري: تلك الساعةُ التي أخبرني فيها الطبيبُ المختصُّ ببترِ يد أخي محمدٍ ﵀ من الكتفِ، ونزل الخبرُ على سمعي كالقذيفةِ، وغالبتُ نفسي، وثابتْ روحي إلى قولِ المولى: ﴿َا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾، وقولهِ: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٥﴾ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾ .
كانتْ هذه الآياتُ برْدًا وسلامًا وروْحًا وريْحانًا.
وليس لنا من حيلةٍ فنحتالُ، إنما الحيلةُ في الإيمانِ والتسليمِ فَحَسْبُ، ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ .
إن الخنساء النخعيةَ تُخبرُ في لحظةٍ واحدةِ بقتلِ أربعةِ أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسيةِ، فما كان منها إلا أنْ حمدتِ ربَّها، وشكرتْ مولاها على
1 / 223