196

Don't Be Sad

لا تحزن

خپرندوی

مكتبة العبيكان

ژانرونه

في يدٍ فحسبُ، أو أنني فقدتُ أصبُعًا من أصابعِي إلا حينما أتذكرُ تلك الواقعةَ، وإلا فعلمي على ما يرامُ، ونفسي راضيةٌ بما حدث: «قدّر اللهُ وما شاء فعل» . وأعرفُ رجلًا بُتِرتْ يدُه اليسرى من الكتِفِ لمرضٍ أصابهُ، فعاش طويلًا وتزوَّج، ورُزق بنين، وهو يقودُ سيارتهُ بطلاقةٍ، ويؤدي عمله بارتياحٍ، وكأنَّ اللهِ لم يخلقْ له إلا يدًا واحدةً: «ارض بما قسم اللهُ لك، تكنْ أغنى الناس» . ما أسرع ما نتكيَّف مع واقعِنا، وما أعجب ما نتأقلمُ مع وضعِنا وحياتِنا، قبل خمسين سنةً كان قاعُ البيتِ بساطًا منْ حصيرٍ النخلِ، وقربة ماءٍ، وقدرًا منْ فخارٍ، وقصعةً، وجفنةً، وإبريقًا، وقامتْ حياتُنا واستمرتْ معيشتُنا، لأننا رضينا وسلَّمنا وتحاكمْنا إلى واقعِنا. والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتها ... وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقْنعُ وقعتْ قتنةٌ بين قبيلتينِ في الكوفةِ في المسجدِ الجامعِ، فسلُّوا سيوفهم، وامتشقوا رماحهم، وهاجتْ الدائرةُ، وكادتِ الجماجمُ تفارقُ الأجسادَ، وانسلَّ أحدُ الناسِ من المسجدِ ليبحث عن المُصْلحِ الكبيرِ والرجلِ الحليمِ، الأحنفِ بنِ قيسٍ، فوجدهُ في بيتِه يِحلبُ غنمه، عليه كساءٌ لا يساوي عشرة دراهم، نحيلُ الجسمِ، نحيفُ البنيةِ، أحنفُ الرجلين، فأخبروه الخبرَ فما اهتزتْ في جسمِهِ شعرةٌ ولا اضطرب؛ لأنه قدِ اعتاد الكوارث، وعاش

1 / 221