إن إعطاء الذهنِ مساحةً أوسع للتفكيرِ في المستقبلِ وفتحِ كتابِ الغيبِ ثم الاكتواءِ بالمزعجاتِ المتوقعةِ ممقوتٌ شرعًا؛ لأنه طولُ أملٍ، وهو مذمومٌ عقلًا؛ لأنه مصارعةُ للظلِّ. إن كثيرًا من هذا العالم يتوقُع في مُستقبلهِ الجوعَ العري والمرضَ والفقرَ والمصائبَ، وهذا كلُّه من مُقرراتِ مدارسِ الشيطانِ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا﴾ .
كثيرٌ همْ الذين يبكون؛ لأنهم سوف يجوعون غدًا، وسوف يمرضون بعد سنةٍ، وسوف ينتهي العالمُ بعد مائةِ عام. إنَّ الذي عمرُه في يد غيره لا ينبغي لهُ أن يراهن على العدمٍ، والذي لا يدرِي متى يموتُ لا يجوزُ لهُ الاشتغالُ بشيءٍ مفقودٍ لا حقيقة له.
اترك غدًا حتى يأتيك، لا تسأل عن أخبارِه، لا تنتظر زحوفه، لأنك مشغولٌ باليوم.
وإن تعجبْ فعجبٌ هؤلاء يقترضون الهمَّ نقدًا ليقضوه نسيئةً في يومٍ لم تُشرق شمسُه ولم ير النور، فحذار من طولِ الأملِ.
كيف تواجه النقد الآثم؟
الرُّقعاءُ السُّخفاءُ سبُّوا الخالق الرَّازق جلَّ في علاه، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا أتوقعُ أنا وأنت ونحنُ أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجهُ في حياتِك حرْبًا! ضرُوساُ لا هوادة فيها من النًّقدِ الآثمِ المرِّ،
1 / 39