Doctrinal Debates of Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah
المناظرات العقدية لشيخ الإسلام ابن تيمية
خپرندوی
الناشر المتميز
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
د خپرونکي ځای
دار النصيحة - الرياض
ژانرونه
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل:٦٥]، ولعمري لو أن أحدًا علم الغيب لعلمه آدم الذي خلقه الله تعالى بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه الجنة فأكل منها رغدًا حيث شاء، ونهاه عن شجرة واحدة، فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه، ولو كان أحد يعلم الغيب لعلمه الجن حين مات نبي الله سليمان ﵇، فلبث الجن يعملون له حولًا في أشد العذاب، وأشد الهوان، لا يشعرون بموته، وما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته، ﴿فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سبأ:١٤] قال: قد كانت تقول قبل ذلك: إنا نعلم. فابتلاهم الله تعالى، وجعل موت سليمان للجن والإنس عبرة» (^١).
ومما استدل به شيخ الإسلام ﵀ على كذبهم اعتراف كثير من زعمائهم بأن هذه الصناعة تقوم على الخرص والتوهم ومن ذلك قول أبي نصر الفارابي (^٢): «واعلم أنك لو قلبت أوضاع المنجمين فجعلت السعد نحسًا، والنحس سعدًا، والحار باردًا، والبارد حارًا، والذكر أنثى، والأنثى ذكرًا، ثم حكمت لكانت أحكامك من جنس أحكامهم تصيب تارة وتخطئ تارة» (^٣).
(^١) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٠٨) وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٢٩١٣) وأبو الشيخ الأصبهاني في العظمة (٤/ ١٢٢٦).
(^٢) هو أبو نصر، محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ الفارابي، الفيلسوف يعرف بالمعلم الثاني، تركي الأصل، ولد في فاراب، وانتقل إلى بغداد، نشأ فيها، له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها ضل وحار، ومنها "الفصوص" و"إحصاء العلوم" (ت: ٣٣٩ هـ) ـ. انظر: وفيات الأعيان (٤/ ٢٣٩) سير أعلام النبلاء (١٥/ ٤١٨).
(^٣) مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٨٢)، مفتاح دار السعادة (٢/ ١٧٥).
ومما يفضحهم ويكشف سترهم ما ذكره كبيرهم يعقوب بن إسحاق الكندي مما أراد أن يجعله عذرًا لكثرة اغلاطهم وأكاذيبهم، وهو في الحقيقة دليل عليهم فاضح لهم حيث قال: «إن علماء الهند أحذق الناس في علم التنجيم، فأرادوا أن يعلموه أبناءهم، فعجزوا لغموضه، فأجمع علماؤهم جزءًا من ألف جزء من علمهم، فتقبله أبناؤهم، وتعلموه، فلما نشأ أبناؤهم أرادوا تعليمهم هذا العلم كما علمهم آباؤهم ذلك من قبل، فعجزوا عن ذلك، فاختصروه، فصار جزءًا من ألف جزء مما علمهم آباؤهم، ففهمه أبناؤهم وأدركته أذهانهم. ثم قال الكندي: «فما ظنك بعلم اختصر منه جزء من ألف جزء ما يبقى منه الإصابة؟». انظر: حكم علم النجوم (ق ١٤/ب) - (ق ٢٩٨)، نقلًا عن: التنجيم والمنجمون (٢٠٢).
1 / 204