وقد يوصف تعالى بأنه شاهد كل نجوى، ومعنى ذلك أنه راء لها وسامع، فقيل له من معنى الرؤية والسمع (¬1) : إنه شاهد، على التوسع؛ لأن المشاهد منا الشيء هو الذي يراه أو يسمعه دون الغائب منا.
ويوصف بأنه تعالى مطلع على العباد وعلى أعمالهم توسعا، ويراد أنه عالم بهم وبأعمالهم، وإنما قيل له مطلع على المجاز؛ لأن المطلع منا على الشيء من فوقه يكون أعلم به، وأولى بأن لا يخفى عليه شيء منه؛ فلما كان الله تعالى بالأشياء كلها عالما لا يخفى عليه شيء منها قيل: إنه مطلع عليها مجازا.
ويوصف بأنه لم يزل غنيا عن الأشياء، ومعنى ذلك أنه لا تصل إليه المنافع ولا المضار، ولا تجوز عليه اللذات والسرور والآلام والغموم، ولا يحتاج إلى غيره يستعين به في أفعاله وتدبيره. بل هو بنفسه عليها قادر، وبها عالم، فوجب له أن يوصف بأنه لم يزل غنيا بنفسه عن سائر الأشياء.
ويوصف بأنه تعالى يغضب ويسخط، ومعنى هذا الوصف له هو غير معنى الوصف لنا بهذا الفعل في الشاهد؛ لأن (¬2) غضبنا وسخطنا يحلان فينا، وغضب الله وسخطه لا يحلان فيه.
/6/* مسألة [لم جاز وصف الله تعالى بالغضب والسخط؟ وما معناهما؟]:
فإن قال (¬3) قائل: فإذا لم يجز عندكم أن يحل فيه الغضب والسخط فلم وصفتموه به وأجريتموه عليه؟ قيل له: جاز أن نصفه بذلك بأن يفعله من غير أن يحل فيه، كما جاز أن نصفه بالكلام وبالأمر والنهي بأن يفعل ذلك من غير أن يحل فيه.
مخ ۹