فإن قال قائل: فلم يزل سميعا لماذا ؟ قيل له: إن السميع ليس يعدى إلى مسموع، فلا يلزمنا أن نقول: إن الله لم يزل سميعا لمسموع. فإن قال: أفتقولون: إن الله لم يزل سامعا؟ قيل له: لا يجوز قول ذلك؛ لأنه تعدى إلى مسموع، والمسموع لا يكون مسموعا إلا وهو موجود، فلم يجز أن يقول: لم يزل الله سامعا. فإن قال: فما أنكرتم أن يكون وصفكم له بأنه سامع ليس من صفات الذات إذ لم يجز أن يقولوا: لم يزل سامعا؟ قيل له: لا يجوز أن يوصف بأنه سامع إلا لذاته؛ لأنه لو وصف بذلك بسمع محدث لجاز أن يحدث المسموع [فيكون له سامعا] (¬1) ولا يحدث المسموع فلا يكون له سامعا، فلما لم يجز ذلك صح أن الوصف له بأنه سامع إنما هو صفة وجبت له لذاته عند وجود المسموع. فإن قال: فلم قلتم: إن سميعا لا يتعدى إلى مسموع، وقد قال تعالى: {سميع الدعاء} (¬2) ؟ قيل له: ليس معنى قولنا: {سميع الدعاء} هو ما عنيناه بقولنا: إنه سامع للدعاء مدرك له، وإنما معنى سميع الدعاء مجيب الدعاء، فجعل قوله «سميع» مكان «مجيب» على التوسع. ومنه قول المسلمين: «سمع الله لمن حمده»، ومعنى ذلك: قبل الله منه هذا القول. وكذلك «سمع الله دعاءك»، ومعناه: أجاب الله دعاءك. والله تعالى سامع على كل حال. أنشد أبو العباس (¬3)
مخ ۴۲