ولم يرد أن الخلق باطل، ولا كل شيء باطل، وإنما أراد بعض الأشياء، للعلم بأن بعضها ليس بباطل.
ومما يؤكد أن قوله تعالى: {خالق كل شيء} عام في كل شيء من أفعال العباد وغيره - قوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} (¬1) فالإيمان نور، والكفر ظلمة، لقوله تعالى: {يخرجكم من الظلمات إلى النور} (¬2) ، قال أهل التأويل: من الكفر إلى الإيمان.
وقال تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} (¬3) ، {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة} (¬4) ، والمودة والرأفة والرحمة فعل العباد، يحمدون عليه، ويذمون على تركه، وقد أضاف جعل ذلك إليه، والجعل من الخالق خلق كله. ولا يكون الجعل من المخلوق خلقا، والجعل من العباد قول ووصف، قال عز وجل: {وجعلوا الملآئكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} (¬5) وذلك قول منهم.
والإجماع من المسلمين في الجملة أن الله جل جلاله خالق وما سواه مخلوق، ولا يستثنون شيئا دون شيء. وعن النبي j أنه قال: «لو رأيتم الرفق لرأيتم خلقا لم تروا من خلق الله أحسن منه، ولو رأيتم خلق الخرق لرأيتم شيئا لم تروا من خلق الله أقبح منه» (¬6) . والرفق فعل الرفيق يحمد عليه، والخرق فعل الأخرق يذم عليه. وسئل علي بن أبي طالب عن أعمال العباد يستوجبون بها النار، أهي شيء من الله أم شيء من العباد؟ فقال: هي من الله خلق، ومن العباد عمل.
* مسألة [هل خلق الله الشرك؟]:
مخ ۲۸۱