وإن زعموا أنه تعالى لم يرد ولم يحب ولم يشأ ولم يرض أن يكون الكفر في ملكه وسلطانه، فقل لهم: فمن بيده ملك الكفر وسلطانه، أبيد الله ملك ذلك أو بيد غيره وفي ملك غير الله وسلطانه؟ /115/ فإن قالوا: ليس بيد الله تعالى ملك الكفر وسلطانه، وإنه بيد غيره وفي ملك غيره كفروا وجعلوا مع الله من يملك شيئا لا يملكه الله تعالى، وهكذا قالت الزنادقة. وإن أعظموا ذلك وزعموا أن الكفر في ملك الله وسلطانه، فقل: أليس لم يزل تبارك وتعالى يريد أن يكون الكفر في ملكه أو لم يزل لا يريد ذلك؟ فإن قالوا: لم يزل يريد أن لا يكون الكفر في ملكه، فقل لهم : أليس الناس جاءوا بشيء لم يزل الله يريد ألا يكون في ملكه، ولم يزل يريد ألا يملكه، فملكوه ما لم يكن في ملكه؟ فإن قالوا: فكيف يكون في ملكه ما لم يكن شيء بعد؟ فقل: كما لم يزل رب العالمين قبل أن يكون العالمون، وكما كان ملك يوم الدين من قبل أن يكون يوم الدين، فالله تبارك وتعالى لم يحدث له بخلق من خلق ملك لم يكن له قبل ذلك، ولا علم لم يكن يعلمه قبل ذلك.
مخ ۲۶۷