النظر في كتاب الله عز وجل وفي لغة العرب على معان مختلفة، منها نظر على جهة الانتظار، ومنها على جهة الاتكال، ومنها على جهة الاختيار، ومنها على جهة الحكم، ومنها على جهة التثبيت، ومنها على جهة العائدة والرحمة، ومنها على جهة التوقيف، ومنها على جهة العلم، ومنها نظرة جهرة.
فأما النظر على جهة الانتظار فقولهم: ما أنظر إلا إلى الله ثم إلى فلان، ولعل فلانا غائب عنه في أرض أخرى، وإنما يعني ما يكون من تأويله والآية.
وأما النظر على جهة الاتكال فقولهم: إنما أنظر إلى ما يرزقني الله تعالى ويعطيني، وإلى ما يجري من ذلك على يدك، أي: فأنا أتكل على ذلك.
وأما نظر الاختيار فقولهم: انظر لي، أي: اختر لي.
وأما نظر الحكم فقولهم: انظر بيننا، أي: أحكم بيننا. وقد يقول القائل: ما أحسن ما نظرت بيننا! يعني: ما حكمت بيننا.
وأما نظر التثبيت فهو قولهم: انظر إلى قول فلان، وما صنع فلان، أي: اعلم ذلك. ومنه قوله عز وجل: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض} (¬1) ، و{انظر كيف ضربوا لك الأمثال} (¬2) ونحو ذلك يريد. والله أعلم.
وأما نظر الجهرة فهو معاينة الشيء ورؤيته، والإدراك له، والإحاطة به. وذلك عن الله تعالى منفي.
وأما نظر الله تعالى إلى خلقه فهو على معنيين:
- أحدهما: مشاهدته إياهم بأنهم لا يخفون عليه ولا يغيبون عنه، لا على المعنى الذي يتوهمونه من أنفسهم.
- والمعنى الثاني من النظر: هو بالرأفة والرحمة والصلة والعائدة. /87/ وترك النظر إليهم انتفاء (¬3) ذلك عنهم. ألا ترى إلى قوله تعالى: {ولا ينظر إليهم يوم القيامة} (¬4) معناه: لم ينظر إليهم برحمته.
مخ ۲۰۱