فإن قال: أفتزعمون أن الله تعالى ينفع ويضر، قيل له: نعم هو ينفع المؤمنين وغيرهم، ويضر الظالمين بعقابه إياهم. فإن قال: أهو ضار لهؤلاء الظالمين بعقابه إياهم؟ قيل له: نعم. فإن قال قائل: فإذا جاز عندكم أن يكون ضارا على ما وصفتموه فلم لا يجوز أن يكون مفسدا؟ قيل له: إن الضرر قد يكون حكمة وعدلا إذا كان من فعل به [ذلك] مستحقا، والفساد لا يكون حكمة ولا عدلا، فلهذا لا يجوز أن يكون عز وجل مفسدا ولا فاعلا للفساد. وأيضا: فليس قياس الضرر قياس الفساد، وذلك أنه لو أفسد رجل بناء لرجل أو مالا له كان إنما أضر بذلك صاحب المال على الحقيقة، ولم يكن أفسد بذلك صاحب المال والبناء، وإنما أفسد المال والبناء على الحقيقة دون صاحبهما، فصح بهذا أنه لا يجب أن يكون الشيء فاسدا من حيث كان ضررا إذا لم يكن فاسدا لمن هو ضر له، ولا إن استحق ذلك الضرر؛ فجاز أن يكون عذاب (¬1) الله تعالى للكافرين عقابا لهم لما بينا من الفرق.
فصل [وصف الله تعالى بأنه مختار] :
ويوصف تعالى بأنه مختار، ومعناه أنه مريد له إذ (¬2) لم يكن ملجأ إلى ما أراده، ولا مضطرا إليه. والإرادة هي الاختيار في اللغة في وصفنا له تعالى بذلك، وفي وصفنا لغيره؛ إذا كانت على ما وصفنا من زوال الإلجاء والاضطرار إليها.
ويقال: إن اختيار الله الذي اختاره وهو غير المختار، كما أن الإرادة غير المراد من الله تعالى ومن العباد.
مخ ۱۹