وأيضا: فإن الاسم إذا سمي به المسمى على جهة التلقب من غير أن يكون مستحقا له ولمعناه من جهة العقول واللغة لا يجوز أن يكون وصفا للمسمى به، وذلك أنا لو سمينا صبيا بقولنا: "مسلم" وبقولنا: "صالح" وما أشبه هذه الأسماء على جهة التلقب والتعريف لم يجز أن يصير قولنا: "مسلم" و"صالح" صفة لهذا الصبي، ولا يجوز أن يقال: رأيت صبيا صالحا ولا مسلما. ولو كان مستحقا للتسمية ب"مسلم" و"صالح" من جهة العقول واللغة جاز أن يوصف بهذه الأسماء. كما إذا سمينا المطيع لله تعالى بأنه مسلم وأنه صالح لاستحقاقه ذلك بعمله جاز أن يوصف بهذه الأسماء، فيقال: مررت برجل مسلم وبرجل صالح. فلما كانت أسماء الله تعالى يوصف بها علمنا أنه إنما استحقها من جهة العقول واللغة، وأنه لم يتسم بشيء من ذلك على جهة التلقب.
فلما علمنا أنه لا يجوز أن يكون ذلك (¬1) وصفا له على الحقيقة إذ كان خلاف الأنوار والضياء، وأنها لا تشبهه ولا يشبهها، كما لا يشبه سائر ما خلق علمنا أنه وصف نفسه بأنه نور مجازا لا حقيقة.
[وصف الله تعالى بالعدل والسلام والحق والغياث]:
ولهذا نظائر في اللغة وفي القرآن، وذلك أنه يقال: إن الله عدل كريم، فالوصف لله تعالى بأنه عدل هو توسع ومجاز؛ لأن العدل في الحقيقة هو المصدر، فقالوا: «عدل هو»، وأرادوا أنه العادل، فتوسعوا في هذا القول، إذ كان يعقل عنهم ما أرادوا بذلك من الصفة بأنه عادل.
مخ ۱۴