296
لك من ذلك قدرًا، وما أنكرته نفسك، ولم تجد ذكره في كتاب ربك، ولا في حديث عن نبيك من ذكر صفة ربك، فلا تتكلفن علمه بعقلك، ولا تصفه بلسانك، واصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه، فإن تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه كإنكارك ما وصف منها، فكما أعظمت ما جحده الجاحدون مما وصف من نفسه، فكذلك أعظم تكلف ما وصف الواصفون مما لم يصف منها. فقد والله عز المسلمون الذي يعرفون المعروف وبمعرفتهم يعرف، وينكرون المنكر وبإنكارهم ينكر، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه، وما يبلغهم مثله عن نبيه، فما مرض من ذكر هذا وتسميته قلب مسلم، ولا يتكلف صفة قدره ولا تسمية غيره من الرب مؤمن. وما ذكر عن النبي ﷺ أنه سماه من صفة ربه، فهو بمنزلة ما سمى ووصف الرب تعالى من نفسه، والراسخون في العلم الواقفون حيث انتهى علمهم، الواصفون لربهم ما وصف من نفسه، التاركون لما ترك من ذكرها، لا ينكرون صفة ما سمى منها جحدًا، ولا يتكلفون وصفه مما لم يسم تعمقًا، لأن الحق ترك ما ترك، وتسمية ما سمى: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ ١

١ في ط الرياض: (ومن يتبع) .

1 / 295