الديوان
1 / 27
بسم الله الرحمن الرحيم
[١]
قال عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك:
الطويل
١ خَليلَيَّ لا تَستَعجِلا أَن تَزَوَّدا ... وَأَن تَجمَعا شَملي وَتَنتَظِرا غَدا
٢ فَما لَبَثٌ يَومًا بِسابِقٍ مَغنَمٍ ... وَلا سُرعَتي يَومًا بِسابِقَةِ الرَدى
٣ وَإِن تُنظِراني اليَومَ أَقضِ لُبانَةً ... وَتَستَوجِبا مَنًّا عَلَيَّ وَتُحمَدا
٤ لَعَمرُكَ ما نَفسٌ بِجِدٍ رَشيدَةٍ ... تُؤامِرُني سِرًّا لِأَصرِمَ مَرثَدا
٥ وَإِن ظَهَرَت مِنهُ قَوارِصُ جَمَّةٌ ... وَأَفرَعَ في لَومي مِرارًا وَأَصعَدا
٦ عَلى غَيرِ ذَنبٍ أَن أَكونَ جَنَيتُهُ ... سِوى قَولِ باغٍ كادَني فَتَجَهَّدا
٧ لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ تَدعو بِحَبلِهِ ... إِذا ما المُنادي في المَقامَةِ نَدَّدا
1 / 29
٨ عَظيمُ رَمادِ القِدرِ لا مُتَعَبِّسٌ ... وَلا مُؤيِسٌ مِنها إِذا هُوَ أَوقَدا
٩ وَإِن صَرَّحَت كَحلٌ وَهَبَّت عَرِيَّةٌ ... مِنَ الريحِ لَم تَترُك لِذي المالِ مِرفَدا
١٠ صَبَرتُ عَلى وَطءِ المَوالي وَحَطمِهِم ... إِذا ضَنَّ ذو القُربى عَلَيهِم وَأَخمَدا
١١ وَلم يَحمِ فَرجَ الحَيِّ إِلّا مُحافِظٌ ... كَريمُ المُحَيّا ماجِدٌ غَيرُ أَحرَدا
1 / 30
[٢]
وقال عمرو بن قميئة:
الطويل
١ أَرى جارَتي خَفَّت وَخَفَّ نَصيحُها ... وَحُبَّ بِها لَولا النَوى وَطُموحُها
1 / 31
٢ فَبيني على نَجمٍ شَخيسٍ نُحوسُهُ ... وَأَشأَمُ طَيرِ الزاجِرينَ سَنيحُها
٣ فَإِن تَشغَبي فَالشَغَبُ مِنّي سَجِيَّةٌ ... إِذا شيمَتي لَم يُؤتَ مِنها سَجيحُها
٤ أُقارِضُ أَقوامًا فَأوفي قُروضَهُم ... وَعَفٌّ إِذا أَردى النُفوسَ شَحيحُها
٥ عَلى أَنَّ قَومي أَشَقَذوني فَأَصبَحَت ... دِياري بِأَرضٍ غَيرِ دانٍ نُبوحُها
٦ تَنَفَّذَ مِنهُم نافِذاتٌ فَسُؤنَني ... وَأَضمَرَ أَضغانًا عَلَيَّ كُشوحُها
٧ فَقُلتُ فِراقُ الدارِ أَجمَلُ بَينَنا ... وَقَد يَنتَئي عَن دارِ سَوءٍ نَزيحُها
٨ عَلى أَنَّني قَد أَدَّعي بِأَبيهِمِ ... إِذا عَمَّتِ الدَعوى وَثابَ صَريحُها
ثاب صريحها: كثر النداء بالصريح وذهب الذين ليسوا صرحاء.
1 / 32
٩ وَأَنّي أَرى ديني يُوافِقُ دينَهُم ... إِذا نَسَكوا أَفراعُها وَذَبيحُها
ويروى: نسكت وهو أجود. وأفراع: جمع فرع وهو حوار صغير يذبح في أول النتاج ويلبس جلده آخر وكذلك [كانوا] يفعلون في أول النتاج.
١٠ وَمَنزِلَةٍ بِالحَجِّ أُخرى عَرَفتُها ... لَها بُقَعَةٌ لا يُستَطاعُ بُروحُها
بقعة: يعني المشعر، كانت ربيعة تقف به ليس لهم غيره.
١١ بِوُدِّكِ ما قَومي عَلى أَن تَرَكتِهِم ... سُلَيمى إِذا هَبَّت شَمالٌ وَريحُها
أي على ودك قومي وما زائدة. وأذم ما يكون الشمال عندهم في الجدب وحينئذ يحبون أهل الاطعام والايسار.
١٢ إِذا النَجمُ أَمسى مَغرِبَ الشَمسِ رائِبًا ... وَلَم يَكُ بَرقٌ في السَماءِ يُليحُها
يليحها: يحملها على أن تلوح.
1 / 33
١٣ وَغابَ شُعاعُ الشَمسِ في غَيرِ جُلبَةٍ ... وَلا غَمرَةٍ إِلّا وَشيكًا مُصوحُها
١٤ وَهاجَ عَماءٌ مُقشَعِرٌ كَأَنَّهُ ... نَقيلَةُ نَعلٍ بانَ مِنها سَريحُها
١٥ إِذا عُدِمَ المَحلوبُ عادَت عَلَيهِمُ ... قُدورٌ كَثيرٌ في القِصاعِ قَديحُها
١٦ يَثوبُ إِلَيها كُلُّ ضَيفٍ وَجانِبٍ ... كَما رَدَّ دَهداهَ القِلاصِ نَضيحُها
١٧ بِأَيديهِمُ مَقرومَةٌ وَمَغالِقٌ ... يَعودُ بِأَرزاقِ العِيالِ مَنيحُها
1 / 34
١٨ وَمَلمومَةٍ لا يَخرِقُ الطَرفُ عَرضَها ... لَها كَوكَبٌ فَخمٌ شَديدٌ وُضوحُها
١٩ تَسيرُ وَتُزجي السَمَّ تَحتَ نُحورِها ... كَريهٌ إِلى مَن فاجَأَتهُ صَبوحُها
٢٠ عَلى مُقذَحِرّاتٍ وَهُنُّ عَوابِسٌ ... ضَبائِرُ مَوتٍ لا يُراحُ مُريحُها
٢١ نَبَذنا إِلَيهِم دَعوَةً يالَ مالِكٍ ... لَها إِربَةٌ إِن لَم تَجِد مَن يُريحُها
٢٢ فَسُرنا عَلَيهِم سَورَةً ثَعلَبِيَّةً ... وَأَسيافُنا يَجري عَلَيهِم نُضوحُها
٢٣ وَأَرماحُنا يَنهَزنَهُم نَهزَ جُمَّةٍ ... يَعودُ عَلَيهِم وِردُنا فَنَميحُها
نهز جمة: أي انتزاع ما فيها. يقول: كلما وردناها عدنا إليها.
1 / 35
٢٤ فَدارَت رَحانا ساعَةً وَرَحاهُمُ ... وَدَرَّت طِباقًا بَعدَ بَكُءٍ لُقوحُها
٢٥ فَما أَتلَفَت أَيديهُمُ مِن نُفوسِنا ... وَإِن كَرُمَت فَإِنَّنا لا نَنوحُها
٢٦ فَقُلنا هِيَ النُهبى وَحَلَّ حَرامُها ... وَكانَت حِمى ما قَبلَنا فَنُبيحُها
٢٧ فَأُبنا وَآبوا كُلَّنا بِمَضيضَةٍ ... مُهَمَّلَةٍ أَجراحُنا وَجُروحُها
بمضيضة أي قد أمضتنا الجراح.
مهملة أهملن فلا يطلبن.
٢٨ وَكُنّا إِذا أَحلامُ قَومٍ تَغَيَّبَت ... نَشِحُّ عَلى أَحلامِنا فَنُريحُها
1 / 36
[٣]
وقال عمرو بن قميئة::
الطويل
١ إن أَكُ قَد أَقصَرتُ عَن طولِ رِحلَةٍ ... فَيا رُبَّ أَصحابٍ بَعَثتُ كِرامِ
1 / 37
٢ فَقُلتُ لَهُم سيروا فِدىً خالَتي لَكُم ... أَما تَجِدونَ الريحَ ذاتَ سَهامِ
٣ فَقاموا إِلى عيسٍ قَدِ اِنضَمَّ لَحمُها ... مُوَقَّفَةٍ أَرساغُها بِخَدام
٤ وَقُمتُ إِلى وَجناءَ كَالفَحلِ جَبلَةٍ ... تُجاوِبُ شَدِّيَ نِسعَها بِبُغام
٥ فَأُدلِجُ حَتّى تَطلُعَ الشَمسُ قاصِدًا ... وَلَو خُلِطَت ظَلماؤُها بِقَتامِ
٦ فَأَورَدتُهُم ماءً عَلى حينٍ وِردِهِ ... عَلَيه خَليطٌ مِن قَطًا وَحَمامِ
٧ وَأَهوَنُ كَفٍّ لا تَضيرُكَ ضَيرَةً ... يَدٌ بَينَ أَيدٍ في إِناءِ طَعامِ
٨ يَدٌ مِن بَعيدٍ أَو قَريبٍ أَتَت بِهِ ... شَآمِيَّةٌ غَبَراءُ ذاتُ قَتامِ
٩ كَأَنّي وَقَد جاوَزتُ تِسعينَ حِجَّةً ... خَلَعتُ بِها يَومًا عِذارِ لِجامي
1 / 38
١٠ عَلى الراحَتَينِ مَرَّةً وَعَلى العَصا ... أَنوءُ ثَلاثًا بَعدَهُنَّ قِيامي
١١ رَمَتني بَناتُ الدَهرِ مِن حَيثُ لا أَرى ... فَكَيفَ بِمَن يُرمى وَلَيسَ بِرامِ
١٢ فَلَو أَنَّها نَبلٌ إِذًا لَاِتَّقَيتُها ... وَلَكِنَّني أُرمى بِغَيرِ سِهامِ
١٣ إِذا ما رَآني الناسُ قالوا أَلَم تَكُن ... حَديثًا جَديدَ البَزِّ غَيرَ كَهامِ
١٤ وَأَفنى وَما أُفني مِنَ الدَهرِ لَيلَةً ... وَلَم يُغنِ ما أَفنَيتُ سِلكَ نِظامِ
١٥ وَأَهلَكَني تَأميلُ يَومٍ وَلَيلَةٍ ... وَتَأميلُ عامٍ بَعدَ ذاكَ وَعامِ
1 / 39
[٤]
وقال عمرو بن قميئة:
المنسرح
١ يا لَهفَ نَفسي عَلى الشَبابِ وَلَم ... أَفقِد بِهِ إِذ فَقَدتُهُ أَمَما
٢ قَد كُنتُ في مَيعَةٍ أُسَرُّ بِها ... أَمنَعُ ضَيمي وَأُهبِط العُصُما
الميعة: الشباب والعصم: الوعول.
1 / 40
٣ وَأَسحَبُ الرَيطَ وَالبُرودَ إِلى ... أَدنى تِجاري وَأَنفُضُ اللِمَما
٤ لا تَغبِطِ المَرءَ أَن يُقالَ لَهُ ... أَمسى فَلانٌ لِعُمرِهِ حَكَما
أي لا يكون حكما إلا بعد أن يشيخ قال مرقش:
يأتي الشباب الأقورين ولا تغبط أخاك أن يقال حكم
٥ إِن سَرَّهُ طولُ عَيشِهِ فَلَقَد ... أَضحى عَلى الوَجهِ طولُ ما سَلِما
٦ إِنَّ مِنَ القَومِ مَن يُعاشُ بِهِ ... وَمِنهُمُ مَن تَرى بِهِ دَسَما
1 / 41
[٥]
وقال عمرو بن قميئة:
المتقارب
١ تَحِنُّ حَنينًا إِلى مالِكٍ ... فَحِنّي حَنينَكِ إِنّي مُعالي
٢ إِلى دار قَومٍ حِسانِ الوُجوهِ ... عِظامِ القِبابِ طِوالِ العَوال
٣ فَوَجَّهتُهُنَّ عَلى مَهمَهٍ ... قَليلِ الوَغى غَيرَ صَوتِ الرِئالِ
٤ سِراعًا دَوائِبَ ما يَنثَني ... نَ حَتّى اِحتَلَلنَ بِحَيِّ حِلالِ
٥ بِسَعدِ بنِ ثَعلَبَةَ الأَكرَمي ... نَ أَهلِ الفِضالِ وَأَهلِ النَوالِ
٦ لَيالِيَ يَحبونَني وُدَّهُم ... وَيَحبونَ قِدرَكَ غُرَّ المَحالِ
٧ فَتُصبِحُ في المَحلِ مُحوَرَّةً ... لِفَيءِ إِهالَتِها كَالظِلالِ
1 / 42
٨ فَإِن كُنتِ ساقِيَةً مَعشَرًا ... كِرامَ الضَرائِبِ في كُلِّ حالِ
٩ عَلى كَرَمٍ وَعَلى نَجَدَةٍ ... رَحيقًا بِماءٍ نِطافٍ زُلالِ
١٠ فَكوني أُولَئِكَ تَسقينَها ... فِدىً لِأُولَئِكَ عَمي وَخالي
١١ أَلَيسوا الفَوارِسَ يَومَ الفُراتِ ... وَالخَيلُ بِالقَومِ مِثلُ السَعالي
١٢ وَهُم مَا هُمُ عِندَ تِلكَ الهَناتِ ... إِذا زَعزَعَ الطَلحَ ريحُ الشَمالِ
١٣ بِدُهمٍ ضَوامِنَ لِلمُعتَفي ... نَ أَن يَمنَحوهُنَّ قَبلَ العِيالِ
1 / 43
[٦]
وقال عمرو بن قميئة:
الخفيف
١ إِنَّ قَلبي عَن تُكتَمٍ غَيرُ سالِ ... تَيَّمَتني وَما أَرادَت وِصالي
٢ هَل تَرى عيرَها تُجيزُ سِراعًا ... كَالعَدَولِيِّ رائِحًا مِن أُوالِ
أوال: جزيرة بالبحرين. تجيز: تقطع
٣ نَزَلوا مِن سُوَيقَةِ الماءِ ظُهرًا ... ثُمَّ راحوا لِلنَعفِ نَعفِ مَطالِ
٤ ثُمَّ أَضحَوا عَلى الدَثينَةِ لا يَألونَ ... أَن يَرفَعوا صُدورَ الجِمالِ
٥ ثُمَّ كانَ الحِساءُ مِنهُم مُصيفًا ... ضارِباتِ الخُدورِ تَحتَ الهَدالِ
1 / 44
٦ فَزِعَت تُكتَمُ وَقالَت عَجيبًا ... أَن رَأَتني تَغَيَّرَ اليَومَ حالي
٧ يا اِبنَةَ الخَيرِ إِنَّما نَحنُ رَهنٌ ... لِصُروفِ الأَيّامِ بَعدَ اللَيالي
٨ جَلَّحَ الدَهرُ وَاِنتَحى لي وَقِدمًا ... كانَ يُنحي القُوى عَلى أَمثالي
٩ أَقصَدَتني سِهامُهُ إِذ رَأَتني ... وَتَوَلَّت عَنهُ سُلَيمى نِبالي
١٠ لا عَجيبٌ فيما رَأَيتِ وَلَكِن ... عَجَبٌ مِن تَفَرُّطِ الآجالِ
١١ تُدرِكُ التِمسَحَ المُوَلَّعَ في اللـ ... ـجَةِ وَالعُصمَ في رُؤوسِ الجِبالِ
يقال: تمسح وتماسح والمولع: الذي به توليع.
[وهي] نقط تخالف سائر لونه.
١٢ وَالفَريدَ المُسَفَّعَ الوَجهِ ذا الجُدَّ ... ةِ يَختارُ آمِناتِ الرِمالِ
الفريد: الثور. والمسفع: الذي في وجهه سفعة.
١٣ وَتَصَدّى لِتَصرَعَ البَطَلَ الأَر ... وَعَ بَينَ العَلهاءِ وَالسِربالِ
1 / 45
[٧]
وقال عمرو بن قميئة:
الطويل
١ أَمِن طَلَلٍ قَفرٍ وَمِن مَنزِلٍ عافِ ... عَفَتهُ رِياحٌ مِن مَشاتٍ وَأَصيافِ
٢ وَمَبرَكِ أَذوادٍ وَمَربَطِ عانَةٍ ... مِنَ الخَيلِ يَحرُثنَ الدِيارَ بِتَطوافِ
٣ وَمَجمَعِ أَحطابٍ وَمَلقى أَياصِرٍ ... إِذا هَزهَزَتهُ الريحُ قامَ لَهُ نافِ
الأيصر: الحشيس المجموع. ناف: أي شيء قد نفته الريح.
٤ بَكَيتَ وَأَنتَ اليَومَ شَيخٌ مُجَرِّبٌ ... عَلى رَأسِهِ شَرخانِ مِن لَونِ أَصنافِ
٥ سَوادٌ وَشَيبٌ كُلُّ ذَلِكَ شامِلٌ ... إِذا ما صَبا شَيخٌ فَلَيسَ لَهُ شافِ
٦ وَحَيٍّ مِنَ الأَحياءِ عَودٍ عَرَمرَمٍ ... مُدِلٍّ فَلا يَخشَونَ مِن غَيبِ أَخيافِ
٧ سَمَونا لَهُم مِن أَرضِنا وَسَمائِنا ... نُغاوِرُهُم مِن بَعدِ أَرضٍ بِإيجافِ
1 / 46
٨ عَلى كُلِّ مَعرونٍ وَذاتِ خِزامَةٍ ... مَصاعيبَ لَم يُذلَلنَ قَبلي بِتَوقافِ
٩ أُولَئِكَ قَومي آلُ سَعدِ بنِ مالِكٍ ... فَمالوا عَلى ضَغنٍ عَلَيَّ وَإِلغافِ
ألغف عليه: إذا أكثر عليه من الكلام القبيح.
١٠ أَكَنَّوا خُطوبًا قَد بَدَت صَفَحاتُها ... وَأَفئِدَةً لَيسَت عَلَيَّ بِأَرآفِ
١١ وَكُلُّ أُناسٍ أَقرَبُ اليَومَ مِنُهمُ ... إِلَيَّ وَإِن كانوا عُمانَ أُولي اِلغافِ
الغاف: نبت نحو من الينبوت إلآ أنه أعظم منه.
1 / 47