البحر : كامل تام ( وسواس حليك أم هم الرقباء
للقلب نحو حديثهم إصغاء
ووميض ثغرك أم تألق بارق
وشهاب شنفك ذا أم الجوزاء
يا بانة ورق الشباب ظلالها
وكأن قلبي بينها ورقاء
يا بدرتم يهتدي بضيائه
ساري الفلاة وليلتي ليلاء
أشكوك أم أشكو إليك صبابتي
أنت الدواء ومنك كان الداء
مالج داء أو تفاقم معضل
إلا وفي يمنى يديه شفاء
إن رام بالتدبير حيلة برئها
أبدت منافعها له الأعضاء
حتى إذا سئمت نفوسهم الردى
واعتاص مصطبر وعز عزاء
وافوا وقد جعلوا الدروع ضراعة
إذ لم يكن غير الخضوع وقاء
وتبوءوا دار الخلافة ملجأ
فلهم بعقوة بابها استجداء
مخ ۱
فعيونهم صور ووقع حديثهم
همس ورجع كلامهم إيماء
رهبا فعاف شاقه بذل الندا
راج وطاغ ساقه استعفاء
علموا مواقع ذنبهم من عفوه
فاستشعروا الإحسان حين أساءوا
لا يحسبن الروم سلمك رهبة
فالزند للنيران فيه ثواء
لم تغمد الأسياف من وهن بها
لكن نفوس أجلت ودماء
نامت على شبع وقد سالمتهم
وعلاج فرط الغبطة الإغفاء
يا نيرا لولا توقد نوره
هفت الحلوم وفالطت الأراء
لو أن بأسك والجموع زواحف
في مجمع البحرين غيض الماء
لله سيفك والقلوب بوالغ
ثغر الحناجر والنفوس ظماء
تتزاحم الأرواح دون وروده
فكأنما هو نطفة زرقاء
مخ ۲
لله قومك آل نصر والقنا
قصر وأجسام العدا أشلاء
الطاعنون الخيل يوم الملتقى
والمطعمون إذا عدت شهباء
سيماهم التقوى أشداء على الكفار
فيما بينهم رحماء
نصروا الجزيرة أولا ونصيرها
ضاقت عليه برحبها الأنحاء
وأتوا ودين الله ليس بأهله
إلا أليل خافت وذماء
قمعوا بها الأعداء حتى أذعنوا
والبيض من علق النجيع رداء
فكأنما حمر البنود خوافقا
منها قلوب شفهن عناء
لم يأمنوا مكر إلاله وإنما
إمهالهم عن ورده إملاء
إن أبرموا أمرا فربك مبرم
أمرا وإنهم هم السفهاء
والله جل اسما لملكك ناصر
والله فيك كفاية وكفاء
مخ ۳
فمن المدافع والملائك حزبه
والله ردء والجنود قضاء
فإذا هم عادوا لماضي عهدهم
فغرار سيفك للعصاة جزاء
مزق جفون البيض عن ألحاظها
لتسيل فوق شفارها الجوباء
واهزز غصون السمر وهي ذوابل
تسقط عليك العزة القعساء
يا أيها الملك الذي من رأيه
جند له النصر العزيز لواء
يهنيك أسعد وافد ما تنقضي
أيامه وسعادة وبقاء
عبد أعدت الدهر فيه يافعا
طلقا تلوح بوجهه السراء
لما برزت إلى المصلى ماشيا
ودت خدود أنها حصباء
وسمت إلى لقياك أنصار الورى
حتى كأن جميعهم حرباء
حتى إذا اصطفوا وأنت وسيلة
وسما إلى مرق القبول دعاء
مخ ۴
ملئت صدور المسلمين سكينة
إذ ذاك وانتاش القلوب رجاء
وتيقنوا الغفران في زلاتهم
ممن لديه الخلق والإنشاء
قسما برب الهزل وهي طلائح
نحتت مناسم سوقها السراء
من كل نضو الآل يستف الفلا
سيرا تقلص دونه الأرجاء
عوجا كأمثال القسي ضوامرا
أغراضهن الركن والبطحاء
يحملن كل مشهد أضلاعه
صيف وفي الأماق منه شتاء
لرفعت بند الأمن خفاقا فقد
كادت تسير مع الذئاب الشاء
وكففت كف الجور في أرجائها
وعمرت ربع العدل وهو خلاء
وعففت حتى عن خيال طارق
ووهبت حتى أعذر استجداء
قمسا لأنت ملاك كل رغيبة
ومأم من ضاقت به الغبراء
مخ ۵
ولأنت ظل الله بين عباده
وبلاده إن عدد الأفياء
أمؤمل الإسلام إن وسائلي
هن الشموس فما بهن خفاء
مالي سوى حبي لملكك مذهب
ولربما تتخالف الأهواء
مخ ۶
البحر : طويل
وخف لتوديعي وتشييع رحلتي
أخو كل إيثار وكل وفاء
فكم من أكف أغريت بتصافح
وكم من جفون أولعت ببكاء
مخ ۷
البحر : خفيف تام
يا محلا لخلتي وانتخائي
لم يبح لي الخروج باب الرخاء
دل أن الرخاء مغتبط بي
فبحق تبجحي وانتخاء
مخ ۸
البحر : خفيف تام
سيدي أنت عمدتي فاحتملني
وتغمد بالفضل منك جفائي
مبتلى أنت بالبرابر والغزز
وأهل الجبال والصحراء
وذوي أينق وأهل حمير
ورجال وصبية ونساء
وبواد يجري لك الجلف منهم
بكساء طورا ودون كساء
ترفع الصوت إن مررت عليهم
كالكراكي أو بنات الماء
وإذا ما اعتذرت لم يقبلوا الأعذار
خص القبول بالعقلاء
وشيوخ بيض اللحا خضبوا الأرجل
مثل الحمام بالحناء
وسعاة ذوي اجتداء والحاف
شديد يأتون بعد العشاء
وأفاريد يسردون دويا
كدوي الرحى قليل الغناء
يكتب الشخص منهم ألف حول
وهو لا يستبين شكل الهجاء
مخ ۹
غير ذال ترد دالا وظاء
جعلت نائبا مناب الطاء
وحبيش كلامهم يشبه الخطاف
عند انفجار خيط الضياء
وتيوس من أهل أندلس قد
قصدوا عن ضرورة وجلاء
كان منهم مرزبة وسواه
وهو فيهم من جملة الظرفاء
وذوو كدية وقوم أسارى
عبروا البحر رغبة في الفداء
أوقح القوم ضجت الأرض منهم
نبذوا كل حشمة وحياء
وسع الكل منك خلق جميل
وجناب للفضل رحب الفناء
وتولوا عن انفراد يبثون
وقد أسعفوا حميد الثناء
من له قدرة سواك على الخدمة
بوركت أو على الثقلاء
إنما أنت للبرية كهف
وملاذ في شدة ورخاء
مخ ۱۰
أين ثقلي إذا فرضت ثقيلا
وكثير الجفاء من هؤلاء
ومقامي نزر وأصرف وجهي
لسلا حيث معدن الحمقاء
فأعني واصرف لتجديد ما أصدرت
وجه الأماجد الحسباء
وأعدني لخلوتي عن قريب
لا تعذب قلبي بطول الثواء
خالصا عند كل سر وجهر
لك حبي ومدحتي ودعائي
أنت أنقذته وليس له إلاك
في كل غاية وابتداء
ختم الله بالرضا يا ابن رضوان
لك العمر بعد طول البقاء
شفاء عياض للنفوس شفاء
فليس لفضل قد حواه خفاء
هدية بر لم يكن لجزيلها
سوى الأجر والذكر الجميل كفاء
وفى لنبي الله حق وفائه
وأكرم أوصاف الكرام وفاء
مخ ۱۱
وجاء به بحرا يقول بفضله
على البحر طعم طيب وصفاء
وحق رسول الله بعد وفاته
رعاه وإغفال الحقوق جفاء
هو الذخر يغني في الحيلة عتاده
ويترك منه للبنين رفاء
هو الأثر المحمود ليس يناله
دثور ولا يخشى عليه عفاء
حرصت على الإطناب في نشر فضله
وتمجيده لو ساعدتني فاء
مخ ۱۲
البحر : طويل
إليك مددت الكف في كل لأواء
ومنك عرفت الدهر ترديد نعماء
ويسرتني قبل ابتدائي ونشأتي
لشقوة بعدي أو سعادة إذ نائيء
تعاليت يا مولاي عن كل مشبه
فيا جل ما طوقت من غر آلاء
إذا اعتبرت نفسي سواك بفكرتي
فيا خسر أوقاتي وضيعة آنائي
وإن أبصرت عيناي غيرك فاعلا
فقد تهت للأوهام في جنح ظلماء
بما لك من سر بدأت به الورى
وعلم محيط بالوجود وأسماء
أعني وطهرني وخلص حقيقتي
إليك وأيد نور سري ومعناء
مخ ۱۳
البحر : مخلع البسيط
يا جملة الفضل والوفاء
ما بمعاليك من خفاء
عندي للود فيك عقد
صححه الأمر باكتفاء
ما كنت أقضي علاك حقا
لو جئت مدحا بكل فاء
فأول وجه القبول عذرى
وجنب الشك في صفاء
مخ ۱۴
البحر : مجتث
مولاي أنت فدائي
أجب خفي ندائي
إن لم تدارك برحمى
فقد هلكت بداء
مخ ۱۵
البحر : كامل تام
صدع الظلام بها وحث كؤوسها
صرفا بغير بلالة من ماء
فلو أنهم نظروا إلى أحشائه
لرأوه مثل حباحب الظلماء
مخ ۱۶
البحر : كامل تام
بشرى يقوم لها الزمان خطيبا
وتأرج الأفاق منها طيبا
هذا طلوع فتوحك الغر التي
ما كان طالع سعدها ليغيبا
أظهرت دين الله في ثغر العدا
وقهرت تمثالا به وصليبا
وذعرت بالجيش اللهام بلادها
ملء الفضا ملأ القلوب وجيبا
جيش يرى تعب المفاوز راحة
والسهل صعبا والبعيد قريبا
شرقت ثغور الدين منه بغصة
ولقين منه حوادثا وخطوبا
ومتى سرت للمسلمين سرية
أبدى لها التحذير والتأليبا
حتى إذا استشرى وأعضل داؤه
شكت الثغور به فكنت طبيبا
وإذا أراد الله برء زمانة
لم تعد ميقاتا لها مكتوبا
لله يوم الفتح منه فإنه
يوم على الكفار كان عصيبا
مخ ۱۷
فتح تفتحت المنى عن زهره
وافتر ثغر الدهر عنه شنيبا
حفت به راياتك الحمر التي
قادت إليه قبائلا وشعوبا
وتعلقت بهم الرجال بصوره
فتخال في شرفاته يعسوبا
وحفت به عوج القسي ضلوعها
تغتال فيه جوانحا وقلوبا
فكأنما قزح حنت أقواسه
أيدي الغمام وأمطرت شؤبوبا
ورأى المنية ربه وهفا إلى
طلب الأمان فقيل لا تثريبا
وإذا أمرؤ ألقى إليك قياده
ورجاك أدرك حلمك الموهوبا
من بعد ما قعدت به أنصاره
رهبا وأبصر وعدهم مكذوبا
وتبلبلت بالليل ألسن ناره
تصل الصراخ فما لقين مجيبا
ولو أنهم جاشوا إليك وجمعوا
أقصى تخومهم صبا وجنوبا
مخ ۱۸
غادوتهم صرعى على عفر الثرى
وملأت أرضهم بكا ونحيبا
وتركت كل مثقف متقصدا
فيهم وكل مهند مخضوبا
بعصابة يمنية مهما انتمت
في العرب كان لها الحسام نسيبا
ألبست ملك الروم عارا باقيا
وكسوت غما وجهه وقطوبا
فاستقبل الملك المؤيد خالدا
والدهر غضا والزمان قشيبا
واهنأ أبا الحجاج بالفتح الذي
يهدي إليك من الفتوح ضروبا
وانعم بموقعه الجميل فإنه
يشجي عدوا أو يسر حبيبا
والدهر محتفل لملكك محتف
يبدي على أثر العجيب عجيبا
مخ ۱۹
البحر : كامل تام
هي أسعد ما دونهن حجاب
لا ينقضي عد لها وحساب
وبشائر تصل النفوس كأنما
بين النفوس وبينها أنساب
تأتي على قدر فيخلف بعضها
بعضا كما خلف السحاب سحاب
أما الفتوح فقد تجلى واضح
من صبحها الأجلى وفتح باب
وسرت بشائرها بكل تحية
شدت لها الأفتاد والأقتاب
حتى إذا شمل البلاد وأهلها
فعلا لهم قدح وعز جناب
طلعت على الأعقاب أعز موقعا
منها والآلاء عذاب
فارتاح دوح الملك عن فرع العلا
وازداد في أفق الجلال شهاب
واستل من أجفان خزرج صارم
خضعت إليه مفارق ورقاب
وهوت إليه أسنة وأسرة
ومواكب وكتائب وكتاب
مخ ۲۰