په ادبی او ټولنیزو مذهبونو کې مطالعات
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
ژانرونه
ولن تنجح هذه الوحدة ما لم تقم على الاعتراف بحقوق الإنسان بغير تمييز بين العقائد والأجناس والألوان، وهي تتلخص في: حق الغذاء، والكساء، والعناية الطبية، والتعليم الكافي، وحرية الاشتغال بالصناعات، وحرية المعاملة ، وحماية النفس والملك، وحرية الانتقال في أنحاء العالم، ومنع السجن إلا لجريمة، ومنع التجنيد وما إليه إلا بالاختيار.
ويعتقد «ولز» أن الثورة لازمة للتقدم في هذه الوجهة الإنسانية الشاملة، ولكنها ثورة من نوع غير نوعي الثورة اللذين عرفهما البشر فيما مضى، ويسميهما بالثورة الكاثوليكية والثورة الشيوعية؛ لأن الثورة الأولى تقترن بتاريخ الأمم الكاثوليكية أو التي تجاهد مع الكنيسة، كثورات فرنسا وإسبانيا والمكسيك وأمريكا الجنوبية؛ ولأن الثورة الثانية هي وليدة المؤامرات أو التنظيمات العرضية التي تدل على تطور باطني يتناول ضمير الإنسان ويرتفع به في مدارج الأخلاق والآداب.
وإنما ثورة ولز ثورة صاعدة يقوم بها أوفر الناس نصيبا من الثقافة والبواعث الخلقية والقدرة على التوجيه والإيحاء، وتنبيه الهمم إلى التشبه والاقتداء.
ومن أساليب التعليم اللازم لتحقيق هذه الثورة تحقير من تعود الناس أن يعظموهم من السفاحين والطغاة المعتدين، وهو لا يصطنع الكذب لإقناع الناس بحقارة هؤلاء «الأبطال» المقدسين؛ لأن الوقائع التاريخية كافية لتمثيلهم أمام الناس في الصورة المزدراة، فلم يكن لهم نصيب عظيم من العقل أو الملكات الذهنية، وأعجب من ذلك أنهم لم يكونوا على نصيب عظيم من الرجولة، على خلاف ما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، فالإسكندر كان له عاشقون، ويليوس قيصر كان يقال عنه: إنه رجل كل امرأة وامرأة لكل رجل، والزأريوس كان يسعى إلى الدير ليخرج منه فتى كانت زوجته تهواه، ونابليون كان في حياته الشخصية كما يعلم قراء تراجمه الخفية، وكان بعد موته موضع العجب بين المشرحين لفرط المشابهة في تكوينه بين جسده وأجساد النساء.
وقد حرص ولز في تواريخه العالمية على تمثيل هؤلاء «الأبطال» في صورتهم الصحيحة، لتذهب عنهم تلك الهالة الكاذبة التي تغري الناس بسفك الدماء أو تعظيم من يسفك الدماء، ومما توخاه في ذلك أن يفرق الناس بين القدرة على التعمير والقدرة على التدمير، وأن يبطلوا الإعجاب بالطغاة من طريق الإعجاب بالقوة والجبروت؛ لأن الطغاة في الواقع أصحاب مزاج خاص يرشحهم لتلقي الصناعة الممقوتة، وليس من اللازم أن يكون ذلك المزاج مقرونا بالبأس والفحولة والاقتدار.
أما الدواعي الفكرية التي تدعو الكاتب الكبير إلى انتظار هذا التغيير العالمي، فهي من قبيل النتائج المحتومة لا من قبيل الأماني والأحلام؛ لأن المخترعات الحديثة قد ألغت المسافات والأبعاد، فأصبحت العزلة والتحصن وراء الحدود ضربا من المحال، ومتى زالت الحدود على الأرض فلا سبيل إلى بقائها في عالم النظم السياسية: كان ذلك ممكنا في عهد الحصان والسيف والقوس والبندقية، ولكنه لا يمكن ولا يدوم طويلا إن أمكن في عصر الطيارة والكهرباء ومحدثات العلم التي أوشكت أن تسبق الخيال بالعيان.
وإلى جانب هذه الغير العلمية تندفع البواعث البيولوجية بالعالم إلى حالة غير حالته اليوم وغير حالاته فيما تقدم من أطوار التاريخ؛ لأن نشوء الملايين من الشباب القلق الذي يواجه معضلات الكون وينتظر عليها جوابا غير تلك الأجوبة المسكتة التي كانت تريح عقول الآباء والأجداد هو الحافز «البيولوجي» الدائم إلى التغيير في هذا الاتجاه؛ لأن الفشل قد صحب القادة والزعماء الذين يصرون على بقاء الدنيا كما كانت عليه في مشتجر المطامع والخصومات، ولن يفلح هؤلاء القادة في اجتذاب القلوب إليهم بدعوة قائمة على بقاء القديم في السياسة أو الاقتصاد أو الأخلاق.
وليس ولز شيوعيا ولكنه اشتراكي من أنصار الأعمال الجماعية التي تحد من حرية الفرد في الاستغلال، ولا تحد من حريته في التثمير والإنتاج، وليس هو «ديمقراطيا» من أشياع النظم البرلمانية التي تحتكر الحزبية وأساليب الانتخاب، ولكنه يفضل على أساليب الانتخاب التي تشيع اليوم بين الأمم الديمقراطية أساليب التمثيل النسبي وما يتبعها من فسح المجال أمام فريق جديد من العاملين في السياسة غير فريق المحترفين والدعاة المشعوذين.
ومن تعريفاته للملكية والاشتراكية في كتبه المختلفة يخيل إليك أن الكاتب عربي أصيل ينقل المصطلحات من لسان العرب أو القاموس المحيط، فليست الاشتراكية في جوهرها عنده إلا نقدا مختلفا لنظام الملكية أو نظام الامتلاك كأنه ما كان، وليس الامتلاك من مخترعات الطبقات الاجتماعية كما يقول الشيوعيون؛ لأن الملك في حقيقته هو كل ما يدافع عنه الإنسان أو الحيوان، وهذا هو معنى الحوزة أو الحمى أو الحرم أو الذمار كما تعرفه لغة الضاد.
قال عن روسيا وستالين: «كانت الثورة كغيرها من ثورات الذين لا يملكون منذ فجر التاريخ، استولت فيها عبادة الأبطال على الجماهير الهائجة، ولم يكن بد من ظهور زعيم ... وما انقضت عشرون سنة حتى أخذوا يعبدون ستالين، وكان في الأصل رجلا ثوريا على شيء من الأمانة، طموحا غير عبقري ... وتتم الدورة فلا تجد تغييرا ما، كما هي الحال في كل ثورة جموح أخرى، فقد زال عدد كبير من الناس وحل محلهم عدد كبير آخر، وكأن روسيا تعود أدراجها إلى النقطة التي بدأت منها، أي: إلى استبدادية وطنية: جدارتها محل شك وغايتها مبهمة غير محدودة، وأنا أعتقد أن ستالين رجل أمين صادق النية، وهو يؤمن بالجماعية في بساطة ووضوح، ولا يزال يؤمن بأنه يقصد الخير لروسيا والشعوب التي تقع تحت سلطانها، وبلغ من اعتداده بنفسه، أنه لا يصبر على نقد أو معارضة، وقد لا يكون خلفه مثله استقامة أو عدم تحيز.»
ناپیژندل شوی مخ