درسونه فلسفي اسلامي
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
ژانرونه
أما صفة «العربي» فهي تشير إلى لغة التدوين لأن معظم نتاج الفكر دون بالعربية. العربية هي اللسان وليس الفكر أو الطابع أو الشخصية أو القومية. وقد التبس علينا الأمر في فكرنا الحديث عندما انتشر الفكر القومي الغربي فيه، وعرفنا الفكر الفرنسي والألماني والإنكليزي والأمريكي فقلنا «الفكر العربي» إثر نشأة القومية العربية كرد فعل على القومية الطورانية ونهاية لحكم الخلافة وبعد أن انزوى الفكر الإسلامي الذي تنصهر فيه القوميات في وحدة متعددة أو في تعدد موحد.
2
لقد استطاع الفكر الإسلامي القديم تمثيل غيره من الحضارات السابقة عليه، اليهودية والمسيحية والفارسية والهندية واليونانية. كما دخلت فيه كثير من العقائد الشعبية والعادات والتقاليد والأعراف والأمثال العامية والحكم وسير الأبطال، وكل أنواع التراث الشعبي الشفاهي أو المكتوب. الفكر بهذا المعنى «تاريخ الروح» أو «روح التاريخ». أما صفة «العربي» التي تستعملها أجيالنا الحديثة فإنها لا تشير إلى أكثر من «المجتمعات العربية» أو «الأمة العربية» التي تتحدث العربية والتي تعيش في «الوطن العربي» من الخليج إلى المحيط، والتي تتحدث العربية والتي ارتبطت فيما بينها تاريخا وتراثا وثقافة وعادات وتقاليد في الماضي وهموما ومصالح ومآسي في الحاضر، وتطلعات وآمالا في المستقبل. لا تشير صفة «العربي» إلى قومية أو فكر أو تمايز خاص في مقابل صفة «الإسلامي»، بل تشير إلى «المجتمع العربي» الذي هو جزء من الأمة الإسلامية. فالفكر الإسلامي يضم المجتمع العربي والفارسي والهندي والتركي وكل الشعوب الإسلامية الناطقة بغير العربية والتي لم يحدث فيها توحيد بين الإسلام والعروبة؛ نظرا لوقوف حركة التعريب أو الوقوع أحيانا في الشعوبية.
3 (3)
ويعني «التخطيط»: أن الفكر الإسلامي مسئولية المفكرين الإسلاميين، وأنه ليس مجرد نقل لفكر القدماء والتعريف به وعرضه وشرحه دون ما مراعاة لظروف العصر واحتياجاته؛ وبالتالي يهدف التخطيط لتجاوز خطأين شائعين: (أ)
التعامل مع الفكر كخليط غير متجانس، كمذاهب وعقائد ونظريات ونظم متضاربة عشوائية لا رابط بينها، ليس لها ظروف تاريخية معينة ساعدت على إفرازها. فتعرض نظريات التشبيه والتنزيه، النقل والعقل، الجبر والاختيار، الطاعة والخروج، الإيمان والعمل، الفيض والقدم، الأثر والرأي، النص والمصلحة، الفناء والبقاء ... إلخ، وكأنها نظريات متعارضة، متساوية في القيمة، فيحدث التشتت، وتكافؤ الأدلة. (ب)
نقل ذلك كله وعرضه للمحدثين دون ما مراعاة لظروف العصر التي تحتم اختيار نظرية دون أخرى، أي إسقاط الظروف التاريخية الحالية من الحساب وكأننا نعيش خارج التاريخ مع أنها كانت حاضرة في الفكر القديم. فإذا تم الاختيار فإنه يحدث طبقا للاختيار الأول، التشبيه دون التنزيه، والنقل دون العقل، والجبر لا الاختيار، والطاعة لا الخروج، والإيمان دون العمل، والفيض دون القدم، والأثر وليس الرأي، والنص وليس المصلحة، والفناء وليس البقاء ... إلخ، ودون ما عرض للظروف التاريخية القديمة والصراعات الاجتماعية والسياسية التي كانت وراء هذا الاختيار الأول، مع أن ظروف العصر الحالية قد تحتم الاختيار الثاني، التنزيه دون التشبيه، والعقل دون النقل، والاختيار لا الجبر، والخروج لا الطاعة، والعمل دون الإيمان، والقدم دون الفيض، والرأي لا الأثر، والمصلحة لا النص، والبقاء وليس الفناء ... إلخ.
يعني التخطيط إذن شيئين: (أ)
معرفة الظروف التاريخية القديمة التي كانت وراء نشأة الأفكار والتي كانت وراء الاختيارات القديمة. (ب)
معرفة الظروف الحالية التي تعيش فيها الأمة التي تحتم إفراز فكر جديد أو اختيار بديل قد يتفق أو يختلف مع الفكر والاختيارات السابقة، خاصة وأن الأمة قديما كانت منتصرة متقدمة موحدة، والأمة الآن مهزومة متخلفة متجزئة.
ناپیژندل شوی مخ