دراسات عن مقدمة ابن خلدون
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
ژانرونه
يصعب على أهل الدولة المستجدة أن يطلعوا على أحوال الدولة المستقرة اطلاعا يضمن لهم إصابة الغرة؛ وذلك لأن «أهل الدولة المستجدة كلهم مباينون للدولة المستقرة بأنسابهم وعوائدهم وسائر مناصبهم، ثم هم مفاخرون لهم، ومنابذون بما وقع من هذه المطالبة وبطمعهم في الاستيلاء. فتتمكن المباعدة بين أهل الدولتين سرا وجهرا، ولا يصل إلى أهل الدولة المستجدة خبر عن أهل الدولة المستقرة يصيبون منه غرة باطنا وظاهرا؛ لانقطاع المداخلة بين الدولتين فيقيمون على المطالبة» وهم في إحجام، و«ينكلون عن المناجزة» (ص300).
ويستمر الحال على هذا المنوال من المطالبة إلى أن يزداد الخلل في جميع جهات الدولة المستقرة، ويتضح لأهل الدولة المستجدة مع الأيام ما كان يخفى عنهم من هرمها وتلاشيها.
والدولة المستجدة تقتطع من الدولة المستقرة بعض أعمالها وأطرافها مرة بعد أخرى، ولكل مرة تعظم قوة الدولة المستجدة وتنقص قوة المستقرة بطبيعة الحال، وإذا استمرت الأمور على هذا المنوال مدة من الزمن، «تنبعث همم» أهل الدولة المستجدة «يدا واحدة للمناجزة، ويذهب ما كان بث في عزائمهم من التوهمات، وتنتهي المطاولة إلى حدها، ويقع الاستيلاء آخرا بالمعاجلة» (ص300).
بعد سرد هذه الدلائل والملاحظات العقلية يستشهد ابن خلدون بسلسلة من الوقائع التاريخية، ويذكر ما حدث من أمثال ذلك في الدول الإسلامية المختلفة، منذ قيام بني العباس على الدولة الأموية، مشيرا إلى مطالبات وفتوحات العلويين والعبيديين والسلجوقيين والمرابطين والموحدين. وبعد ذلك يقول: «فهكذا حال الدولة المستجدة مع المستقرة في المطالبة والمطاولة، سنة الله في عباده، ولن تجد لسنة الله تبديلا» (ص301).
ولكنه يلاحظ في الوقت نفسه أن هناك واقعة تاريخية منافية لما قرره في هذا الصدد؛ وهي الفتوحات التي حدثت في صدر الإسلام ، ومع هذا إنه يبقى متمسكا بالقانون الذي قرره؛ لأنه يعتقد أن تلك الفتوحات كانت من آثار المعجزات: «ولا يعارض ذلك بما وقع في الفتوحات الإسلامية، وكيف كان استيلاؤهم على فارس والروم لثلاث أو أربع من وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم ، واعلم أن ذلك إنما كان معجزة من معجزات نبينا، سرها استماتة المسلمين في جهاد عدوهم؛ استبعادا بالإيمان، وما أوقع الله في قلوب عدوهم من الرعب والتخاذل، فكان ذلك كله خارقا للعادة المقررة في مطاولة الدول المستجدة للمستقرة. وإذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبينا - صلوات الله عليه - المتعارف ظهورها في الملة الإسلامية، والمعجزات لا يقاس عليها الأمور العادية ولا يعترض بها» (ص301).
الحروب
يخصص ابن خلدون فصلا طويلا من فصول الباب الثالث للحروب، يتكلم فيه عن منشأ الحروب، ويشرح «مذاهب الأمم في ترتيبها»، ويتحرى أسباب الغلبة والظفر فيها (ص270-279).
زد على ذلك أنه يتطرق إلى مسائل الحروب والجيوش في بعض الفصول الأخرى أيضا: (أ)
يبحث في الأساطيل وفي قيادة الأساطيل، في فصل مراتب الملك والسلطان (ص252-256). (ب)
ناپیژندل شوی مخ