دراسات عن مقدمة ابن خلدون
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
ژانرونه
إن هذه النتائج السيئة كانت قد ظهرت بأجلى مظاهرها في العراق قبل مدة، حينما قام مدير المعارف العام بحملة عمياء على ابن خلدون - في خطبة ألقاها على المعلمين - زاعما بأنه من الكافرين بالعروبة، وقائلا بوجوب حرق كتبه ونبش قبره باسم القومية!
ولقد كنت كتبت عندئذ مقالة في الرد على تلك الحملة، داعيا إلى «النظرة القومية المنورة»، ونشرت المقالة المذكورة في مجلة الأمالي التي تصدر في بيروت من جهة، وفي جريدة البلاد التي تصدر في بغداد من جهة أخرى. وقد بنيت الملاحظات التي سردتها فيها على المعنى الخاص الذي يعنيه ابن خلدون من كلمة العرب، مستشهدا على ذلك بنصوص عديدة وقرائن كثيرة.
والآن وقد أكببت على كتابة هذه الدراسات عن مقدمة ابن خلدون، رأيت من الضروري أن أعود إلى بحث هذه المسألة، وأتخذها موضوعا لدراسة ضافية لأهميتها الخاصة.
1 (1)
يقول علماء اللغة وواضعو المعاجم بوجوب التمييز بين «العرب والعربي»، وبين «الأعراب والأعرابي»؛ لأن مدلول الأعراب والأعرابي لا يشمل إلا من كان بدويا، وأما مدلول العرب والعربي، فيختص بأهل الأمصار على رأي بعضهم، ويشمل أهل الأمصار وسكان البادية على حد سواء في رأي الآخرين.
غير أن هناك شواهد عديدة تدل دلالة قطعية على أن هذا التمييز لم يكن قديما كل القدم، ولا شاملا كل الشمول؛ فإن جميع معاجم اللغة تشرح عبارة «تعرب الرجل» بقولها: «أقام بالبادية وصار أعرابيا»، كما أنها تشرح كلمة «العربي» بقولها: «البين العروبة والعروبية، والذي له نسب صحيح بين العرب وإن كان ساكنا في الأمصار»، وذلك مما لا يدع مجالا للشك في أن العلاقة «بين مدلول العرب وبين مدلول البدو» كانت قوية جدا حتى عند وضع المعاجم المذكورة وتدوينها.
يظهر من ذلك أن مدلول كلمة العرب تطور تطورا كبيرا خلال أدوار التاريخ، ويمكننا أن نعين اتجاه هذا التطور بالصفحات الثلاث التالية:
أولا:
كان مدلول كلمة العرب يختص بالبدو وحدهم.
ثانيا:
ناپیژندل شوی مخ