دراسات عن مقدمة ابن خلدون
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
ژانرونه
ومقابل ذلك لقد استعمل ابن خلدون كلمة «المصانع» - في عدة مواضع من المقدمة - بمعنى «الأبنية»، ولهذا السبب كثيرا ما أردفها بكلمة «المباني» (ص358)، وقال عن طاق كسرى بأنه من «مصانع الفرس»، كما كتب العبارة التالية، حينما ذكر ترف أهل المدن: «ومنهم من يتخذ القصور والمصانع العظيمة الساحة، المشتملة على عدة الدور والبيوت والغرف الكبيرة، لكثرة ولده وحشمه وعياله وتابعه» (ص407). (3)
بعد هذه الأمثلة على المعاني الخاصة التي عناها ابن خلدون من بعض الكلمات لا بد لنا من أن نشير إلى المعاني الخاصة التي قصدها من بعض التراكيب أيضا.
إن من يقرأ المقدمة بإمعان يجد فيها بعض التعابير والتراكيب التي لا يمكن أن تفهم حق الفهم بمجرد ملاحظة معاني مفرداتها؛ فإن فهم مثل هذه التعابير والتراكيب يتطلب - بطبيعة الحال - ملاحظة فقرات عديدة، وأحيانا مطالعة فصول كثيرة، حتى إنه يحتاج في بعض الحالات إلى مراجعة علوم مختلفة.
مثلا يستعمل ابن خلدون في عدة مواضع التراكيب التالية؛ كلمات حدثانية، وازع عصباني، تكاليف إنشائية، خطط خلافية. ومن البديهي أن معاني هذه التعبيرات تحتاج إلى بحث واستجلاء.
إن تعبير «الوازع العصباني» من وضع ابن خلدون نفسه، ففهم المقصود منه يتوقف على ملاحظة آرائه في «الوازع»، و«أنواع الوازع»، و«العصبية».
وأما تعبير «الكلمات الحدثانية» فهو من مصطلحات الكهان والعرافين، ففهم المقصود منه يتطلب مطالعة ما كتبه عنهم بتأمل وانتباه.
وأما تعبير «التكاليف الإنشائية» فهو من التعبيرات التي استعارها من علماء البيان، فإن هؤلاء العلماء يقسمون الجملة إلى نوعين؛ خبرية وإنشائية، ويسمون الجملة التي تستهدف «الإخبار عما حدث، أو عما سيحدث» باسم الخبرية، كما يسمون الجملة التي تتضمن «طلب الحدوث»، أو «الأمر بالإحداث» باسم «الإنشائية». إن ابن خلدون استحدث تعبير «التكاليف الإنشائية» قياسا على اصطلاح علماء البيان في هذا الصدد، وأعتقد أن أحسن كلمة تقابل قصد ابن خلدون من هذا التركيب هي كلمة
normatif
أو
impératif . (4)
ناپیژندل شوی مخ