دين
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
ژانرونه
وجملة القول أن علاقة الإسلام بالديانات السماوية في صورتها المنظورة علاقة تصديق لما بقي من أجزائها الأصلية، وتصحيح لما طرأ عليها من البدع والإضافات الغريبة عنها.
هذا الطابع الذي تتسم به العقيدة الإسلامية، وهو طابع الإنصاف والتبصر الذي يتقاضى كل مسلم ألا يقبل جزافا، ولا ينكر جزافا، وأن يصدر دائما عن بصيرة وبينة في قبوله ورده، ليس خاصا بموقفها من الديانات السماوية، بل هو شأنها أمام كل رأي وعقيدة، وكل شريعة وملة، حتى الديانات الوثنية نرى القرآن يحللها ويفصلها، فيستبقي ما فيها من عناصر الخير والحق والسنة الصالحة، وينحي ما فيها من عناصر الباطل والشر والبدعة.
أما بعد، فهذا هو موقف الإسلام من الديانات الأخرى من الوجهة النظرية، وقد بقي أن نبحث عن موقفه من الوجهة العملية.
هل يقف منها موقف السكوت عليها والإغضاء عنها اكتفاء بالأمر الواقع؟
أم هل يقف موقف المحارب المقاتل الذي لا يهدأ له بال حتى يطهر الأرض منها ومن أهلها؟
قليل من الكتاب الغربيين يجيبنا بالشق الأول، حتى قال قائل منهم - جوتييه في كتاب أخلاق المسلمين وعوائدهم: «إن المسلم أناني، وإن الإسلام يشجعه على هذه الأنانية؛ فالمسلم لا يعنيه ضل غيره أم اهتدى، سعد أم شقي، ذهب إلى الجنة أم إلى السعير.»
وأكثر الكاتبين يجيبون بالشق الثاني، فالإسلام في نظر هؤلاء يريد أن يفرض نفسه على الناس بحد السيف، والقرآن في نظرهم يأمر المسلم بأن يضرب عنق الكافر أينما لقيه ...
الواقع أن كلا الفريقين لم يصب كبد الحقيقة في تصوره لموقف الإسلام.
ليس الإسلام فاترا ولا منطويا على نفسه - كما زعم الأقلون - فالدعوة إلى الحق والخير ركن أصيل من أركان الإسلام، والنشاط في هذه الدعوة فريضة مستمرة في كل زمان ومكان؛ يأمر الله نبيه بتبليغ كلامه، وبأن يبذل جهده في هذا التبليغ:
وجاهدهم به جهادا كبيرا (سورة الفرقان: 52)، والقرآن يحرض المؤمنين على هذه الدعوة:
ناپیژندل شوی مخ