دین و وحي او اسلام

مصطفی عبد الرازق d. 1366 AH
50

دین و وحي او اسلام

الدين والوحي والإسلام

ژانرونه

يكون كل ذلك باستعداد ذاتي في نفس النبي ويحصل للولي بالرياضة والمجاهدة. (3) رأي التصوف في الوحي

النبوة - كما يقول الغزالي في «المنقذ من الضلال» - عبارة عن طور تحصل فيه عين لها نور يظهر في نورها الغيب وأمور لا يدركها العقل، كما أن العقل طور من أطوار الآدمي تحصل فيه عين يبصر بها أنواعا من المعقولات الحواس معزولة عنها، والعلم الذي يحصل لا بطريق الاكتساب والتعلم وحيلة الدليل ينقسم: إلى ما لا يدري العبد أنه: كيف حصل له؟ ومن أين حصل؟ وإلى ما يطلع معه على السبب الذي منه استفاد ذلك العلم وهو مشاهدة الملك الملقى في القلب. والأول يسمى إلهاما ونفثا في الروع، والثاني يسمى وحيا وتختص به الأنبياء، والأول تختص به الأولياء والأصفياء.

فلا فرق بين الوحي والإلهام في شيء إلا في مشاهدة الملك المفيد للعلم، فإن العلم إنما يحصل في قلوبنا بواسطة الملائكة.

وميل أهل التصوف متجه إلى هذه العلوم الإلهامية دون التعليمية، وقد قالوا: إن الطريق إلى ذلك تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال على الله بهمة خالصة، وبذلك يصير العبد متعرضا لنفحات رحمة الله؛ فلا يبقى إلا الانتظار لما يفتح الله من الرحمة كما فتحها على الأنبياء والأولياء بهذه الطريق.

وبعد هذا قال الغزالي في كتاب «إحياء علوم الدين»: «إن حقائق الأشياء مسطورة في اللوح المحفوظ، بل في قلوب الملائكة المقربين؛ فكما أن المهندس يصور أبنية الدار في بياض ثم يخرجها إلى الوجود على وفق تلك النسخة، فكذلك فاطر السموات والأرض كتب نسخة العالم من أوله إلى آخره في اللوح المحفوظ ثم أخرجه إلى الوجود على وفق تلك النسخة، ومهما ارتفع الحجاب بين القلب وبين اللوح المحفوظ رأى الأشياء فيه وتفجر إليه العلم منه، فإذن للقلب بابان: باب مفتوح إلى عالم الملكوت وهو اللوح المحفوظ وعالم الملائكة، وباب مفتوح إلى الحواس الخمس المتمسكة بعالم الملك والشهادة، والفرق بين علوم الأولياء والأنبياء وبين علوم العلماء والحكماء هذا: وهو أن علومهم (يقصد الأولياء والأنبياء) تأتي من داخل القلب المنفتح إلى عالم الملكوت، وعلم الحكمة يأتي من أبواب الحواس المفتوحة إلى عالم الملك، وهناك فرق آخر: هو أن العلماء يعملون في اكتساب نفس العلوم واجتلابها إلى القلب، وأولياء الصوفية يعملون في جلاء القلوب وتطهيرها وتصفيتها وتصقيلها فقط لتترشح للفيض من جانب الملأ الأعلى.»

أما الملأ الأعلى، فيقول الدهلوي في كتاب «حجة الله البالغة»، بيانا له:

اعلم أنه قد استفاض من الشرع أن لله تعالى عبادا هم أفاضل الملائكة ومقربو الحضرة، لا يزالون يدعون لمن أصلح نفسه وهذبها وسعى في إصلاح الناس، فيكون دعاؤهم سببا لنزول البركات عليه، ويلعنون من عصى الله وسعى في الفساد؛ فيكون لعنهم سببا في وجود حسرة وندامة في نفس العامل وإلهامات من صدور الملأ السافل أن يبغضوه ويسيئوا إليه إما في الدنيا أو بعد الموت، ويكونون سفراء بين الله وبين عباده، وإنهم يلهمون في قلوب بني آدم خيرا ؛ أي يكونون أسبابا لحدوث خواطر الخير فيهم بوجه من وجوه السببية. وإن لهم اجتماعات كيف شاء الله وحيث شاء الله، ويعبر عنهم باعتبار ذلك بالرفيق الأعلى والندي الأعلى والملأ الأعلى، وإن لأرواح الأفاضل من الآدميين دخولا فيهم ولحوقا بهم.

والملائكة على ثلاثة أقسام: قسم علم الحق أن نظام الخير يتوقف عليهم، فخلق أجساما نورية فنفخ فيها نفوسا كريمة.

وقسم اتفق حدوث مزاج في البخارات اللطيفة من العناصر استوجبت فيضان نفوس شاهقة شديدة الرفض للألواث البهيمية.

وقسم هم نفوس إنسانية قريبة المأخذ من الملأ الأعلى ما زالت تعمل أعمالا منجية تفيد اللحوق بهم، حتى طرحت عنها جلابيب أبدانها فانسلكت في سلكهم وعدت منهم.

ناپیژندل شوی مخ