انسان دین
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
ژانرونه
T’ien ، والتي عبدت في الصين منذ القدم. ويرى كونفوشيوس، وهو أكثر العقول تأثيرا في الصين القديمة، أن إرادة السماء إنما تعمل من خلال عناية متضمنة في صلب نظام الطبيعة، ويقابل هذا النظام الطبيعي عنده نظام آخر يسود على المستوى الإنساني المجتمعي هو القانون الأخلاقي. من هنا فإن انسجام الفرد مع إرادة السماء الفاعلة في الطبيعة لن يتحقق إلا بمراعاة النظام الأخلاقي، الذي يشكل انتهاكه خطيئة بحق السماء.
10
وكان الاسم الذي يطلق على ألوهة السماء هذه في عهد أسرة شانغ (1100-1500ق.م.) هو شانغ-تي، الذي يعني الحاكم الأعلى. والتسمية هنا مجازية؛ لأن هذه الألوهة السماوية لم تكن تتمتع بكيان شخصي محدد، وإنما جرى تصورها كقوة تشغل الجهة العليا من قبة السماء، وهي أبعد ما تكون عن التصور الغربي للإله الأعلى المسير للكون؛ لأنها غير مشخصة، ولا تتصل بالناس عن طريق رسل يشرحون إرادتها، ويوصلون إليهم شرائعها المعروفة في الكتب المقدسة. فإذا أرادوا معرفة مشيئتها الغائبة، فإن عليهم أن يلجئوا هم إلى التواصل معها عن طريق الاستخارة والتنجيم، وما إليها من تقنيات التنبؤ والرجم بالغيب. ومنذ حكم أسرة تشوس، بعد عام 1100ق.م. أطلق على هذه الألوهة الكونية اسم
T’ien ، والتي تعني في الأصل مسكن الروح الكبرى، ثم استخدمت للإشارة إلى القوة العظمى التي تعتلي هرم القوى الجزئية، والتي بقيت مدار المعتقد الصيني حتى القرن الثاني عشر الميلادي.
11
وعندما تتجرد قوة السماء تماما حتى من القبة الزرقاء التي اعتبرت أحيانا مظهرها المرئي، فإن مفهوم ال «تي-يين» يلتقي مع مفهوم آخر للقوة الإلهية المجردة، هو مفهوم التاو
Tao ، الذي لعب الدور الأهم في الفكر الديني والفلسفي الصيني منذ البدايات المبكرة المعروفة لتاريخ الصين. ونستطيع متابعة التعبيرات الأولى عن هذا المفهوم وتطوراتها اللاحقة من خلال أشهر كتب الحكمة الصينية المعروف بكتاب التغييرات
The Book of Changes ، وبالصينية
I. Ching ، الذي ساهم عدد من العقول المتميزة عبر تاريخ الصين بالتعليق والشرح على متنه، ومنهم كونفوشيوس.
ترجع الأشكال الأولى لكتاب التغيرات إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد، على ما ترويه المدونات الصينية، ولكن الأبحاث الجديد ترجح أن الكتاب في شكله المتداول أيام كونفوشيوس، أي في القرن السادس قبل الميلاد، لا يرجع إلى ما وراء الألف الأول قبل الميلاد. يعتبر التغيرات، بحق، واحدا من أشهر الكتب في تاريخ الثقافة الإنسانية، وقد شغل صفوة العقول الصينية قرونا عديدة، وكان وراء أهم المنجزات في التاريخ الطويل للثقافة الصينية. وبشكل خاص، فإن فرعي الحكمة الصينية، وهما التاوية والكونفوشية، إنما يمتحان من هذا النبع وتلتقي مناهلهما البعيدة عنده، إضافة إلى تأثيره الواسع على الحياة اليومية لعامة الناس في الصين. وإلى وقت ليس بالبعيد، كان زائر المدن الصينية الكبرى يلتقي عند زوايا بعض الشوارع الرئيسية بقارئ حظ يجلس خلف طاولة، مستعد لاستخارة كتاب التغيرات من أجله، كما كان بإمكانه أن يقرأ جملا من الكتاب منقوشة على تلك اللافتات الخشبية التي يضعها الصينيون على أبواب منازلهم زينة. ومن اليابان الحديثة لدينا أكثر من شاهد على لجوء رجال سياسة بارزين لاستخارة كتاب التغيرات في المواقف العصيبة. فما هو الكتاب؟ وما هي المبادئ الأساسية التي يقوم عليها؟
ناپیژندل شوی مخ