الله ورسوله أعلم:
الأصل أن يُقال: الله ﷾ أعلم، لأن النبي ﷺ لا يعلم إلا ما يعلمه الله به، وجملة الكلام في هذا الإطلاق في مقامين:
الأول: قول ذلك في حياة النبي ﷺ في حديث معاذ ﵁ المشهور، وفيه: فقال ﷺ: «يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» فقلت: الله ورسوله أعلم.. الحديث، رواه الشيخان، وغيرهما.
فهذا من أدب الصحابة- ﵃، وحسن أدبهم في التعلم. وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة، قول عمر ﵁: الله ورسوله أعلم. رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، وذكره ابن هشام في السيرة بلا إسناد.
وفي قصة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: قول أبي قتادة: الله ورسوله أعلم.
الثاني: قولها بعد وفاة النبي ﷺ، وقد جرى إطلاقها عند بعض أهل العلم. منهم ابن القيم - رحمه الله تعالى - قال في نونيته:
والله أعلم بالمراد بقوله ورسوله المبعوث بالفرقان
لكن لم يحصل الوقوف على إطلاق الصحابة ﵃ لها بعد وفاته ﷺ بل الظاهر خلافه. ومنه ما في تفسير آية البقرة: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾ الآية. فعن ابن عباس ﵄ قال: قال عمر بن الخطاب يومًا لأصحابه النبي ﷺ: فيمن تُرون هذه الآية نزلت؟ قالوا: الله أعلم. فغضب عمر، فقال: قولوا: نعم أو لا نعلم ... رواه البخاري.
ومن الجائز حمل كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى - على إطلاق ذلك في مواطن التشريع، وأما ما سوى ذلك من المغيبات، ومن أُمور الدنيا فلا، إلا ما أطلع الله رسوله عليه. قال الله تعالى: ﴿ِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا﴾ الآية.