وقال الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الإمام علي ص143144: (وليس الإمام علي أول من كتب الرسائل وألقى العظات، وأطال الخطب على المنابر في الأمة الإسلامية، ولكنه لا ريب أول من عالج هذه الفنون معالجة أديب، وأول من أضفى عليها صبغة الإنشاء الذي يقتدى به في الأساليب؛ لأن الذين سبقوه كانوا يصوغون كلامهم صياغة مبلغين لا صياغة منشئين، ويقصدون إلى أداء ما أرادوه، ولا يقصدون إلى فن الأداء وصناعة التعبير، ولكن الإمام عليا تعلم الكتابة صغيرا، ودرس الكلام البليغ من روايات الألسن وتدوين الأوراق، وانتظر بالبلاغة حتى خرجت من طور البداهة الأولى إلى طور التفنن والتجويد، فاستقام له أسلوب مطبوع مصنوع، هو فيما نرى أول أساليب الإنشاء الفني في اللغة العربية، وأول أسلوب ظهرت فيه آثار دراسة القرآن والاستفادة من قدرته وسياقه، وتأتى له بسليقته الأدبية أن يأخذ من فحولة البداوة ومن تهذيب الحضارة، ومن أنماط التفكير الجديد الذي أبدعته المعرفة الدينية والثقافة الإسلامية، فديوانه الذي سمي (نهج البلاغة) أحق ديوان بهذه التسمية بين كتب العربية). انتهى.
مخ ۱۶