في الكشف عن أسرار كلام الوصي (السفر الأول)
المجلد الأول
الإمام المؤيد بالله
أبو الحسين يحيى بن حمزة بن علي الحسيني
تحقيق
خالد قاسم محمد المتوكل
تصدير
لعل التساؤل الأول الذي يبرز إلى أذهان كثير ممن يطلع على "نهج البلاغة" هو سؤال الانتساب. هل هذا الكتاب حقا يجمع بعضا مما قاله وكتبه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام؟ أم أن الشريف الرضي رحمه الله قام بتأليفه كله ، أو أجزاء منه ثم قام بنسبته للإمام ؟
تعدد الإجابات إزاء هذا التساؤل المشروع بين "سنية" و"شيعية" و"معتزلية" تسعى جميعا، على اختلاف أساليبها، وتباين منطلقاتها، إلى إثبات أن مضمون "نهج البلاغة" هو لعلي بن أبي طالب
وبين التساؤل والإجابة تختفي قضية في غاية الأهمية
هذا السؤال يخفي واقعا مؤلما نعيشه، يتعلق بطبيعة تفكير المسلمين اليوم، ومنذ أمد بعيد. وهي النظر إلى العلوم أولا من خلال النظر إلى مصدرها، وليس إلى مضمونها. فلا يهم ما يقال، بقدر من قال. والسبب يعود إلى عنصر آخر يتعلق بدور العقل المسلم في معرفة وتقييم القضايا الدينية على وجه الخصوص. فبقدر ما يغيب العقل عن هذه الساحة، بقدر ما يكون أي موضوع ذا صبغة دينية معتمدا على القائل، وليس على القول. ولا شك في أن ما ينسب للإمام علي له صبغته الدينية المتفردة، إن مضمونا، لكثرة ما فيه من قضايا تعالج مفردات دينية متنوعة، أو انتسابا من حيث مقام الإمام علي الديني كصحابي جليل لدى بعض المسلمين، أو كوصي لدى بعض آخر.
هذه النظرة ستجعل الاستفادة من نهج البلاغة متوقفة بدرجة كبيرة على إثبات نسبة الكتاب إلى الإمام علي.
مخ ۱