ځو النورین عثمان بن عفان
ذو النورين عثمان بن عفان
ژانرونه
على هذا الوجه أبرأ عمر ذمته من قضية الاستخلاف.
وعلى هذا الوجه نرى عقل رجل من أولئك الرجال الأفذاذ يعمل في تفصيلات هذه القضية التي واجهته بجميع عقدها ومخاطرها لأول مرة في حياته، وهو يفارق تلك الحياة: يقلبها على جميع الوجوه، ويفرض لها جميع النتائج، ويطرق أبوابها فيفتح منها ما ينبغي أن يفتح، ويغلق منها ما ينبغي أن يغلق، ويلاقي من جانب ما يخشاه من جانب، ويختار الرجال ثم يختار الخطط على كل احتمال من إحسان أو إساءة ومن وفاق أو شقاق، ويفعل ذلك في غمرات الموت بين صرعات الألم من جراحه القاتلة، ويعالج به أمرا لم يعالج من قبل على هذا المثال أو على مثال غيره، وكأنما هو من خبراء الاختصاص في دساتير الحكم، درسها وتلقى دروسها من أساتذتها الذين سبقوه إلى تقريرها وتدوين وقائعها ومواقعها، وجلس ليوازن ويقابل، ويطابق ويوافق، ومن حوله الأعوان يلبون ما يطلب ويستدركون ما يفوت، وينتهون في سعة من الوقت إلى قرارهم وهم وادعون آمنون أن يصيبهم مكروه من مغبة ما قرروه.
ولو كان تفكيره لعذر يتكلم به أو لحجة يسكن إليها لقد كان حسبه أن يبرئ ذمته بالطمأنينة إلى الدين في حراسة الله، أو كان حسبه أن يبرئ ذمته بما جرى عليه الأمر في عهد رسول الله، ولكنه لا يلتمس عذرا يقال وحسب، أو حجة تقنع وكفى، بل يسأل نفسه ويحاسبها على اختلاف الأمور بين عهد وعهد، وتباين الأعذار من حال إلى حال؛ فلا يدع من جوانب القضية شبهة يوردها من يحاسبه إلا أوردها لنفسه، كأنما هو حامل الميزان.
فمن سأل عن معجزات العقائد في كواكب السماء أو أطواد الأرض؛ فهذه معجزة المعجزات التي تأتي بها العقيدة في نفس الإنسان: تخرجه من جوف الصحراء كفؤا لأعضل المعضلات بخلقه، وكفؤا لها بعقله، وكفؤا لها بعمله، ونمطا من الشعور بالتبعات لا يجارى، ونمطا من القدرة على النهوض بها يطول الزمن بأبناء الحضارات قبل أن يبلغوه وقبل أن يعرفوه.
ومن آيات بعد النظر في سبر أغوار الرجل أنه جعل للترجيح بين أصحاب الشورى رجلين: هما عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، فأما عبد الله بن عمر فهو الذي نحاه عن المشاركة في الخلافة، وأعده للترجيح بين المختلفين وليس له من الأمر شيء، وأما عبد الرحمن بن عوف فلم يلبث أن نحى نفسه ليقبل حكمه؛ فكان بحق أصلح المتشاورين لترجيح إحدى الكفتين.
ومن آيات بعد النظر في الاختيار وسبر الأغوار أنه أقام أبا طلحة الأنصاري على رأس خمسين ممن يختارهم لقمع الفتنة في مهدها إذا اختلف المتشاورون؛ فكان أبو طلحة عند ظنه حزما وتقية قال للقوم وقد تنازعوا الرأي: «لقد حسبتكم تتدافعونها ولا تتنافسونها»، ثم أقسم لا يمهلهم لحظة بعد الأيام الثلاثة، ثم هو صانع بهم ما أمر به أمير المؤمنين.
ومن آيات بعد النظر في الاختيار أنه اختار صهيبا للصلاة بالناس، فهو الإمام الذي لا تخشى له دعوة من تقديمه للصلاة، ولا يأبى الناس أن يأتموا به وقد أمهم قبل ذاك.
ومن آيات بعد النظر في الاختيار وسبر الأغوار أنه اختار طلحة مع الستة وهو غائب من المدينة، أوما كان في الخمسة المقيمين بالمدينة غنى وكفاية؟ أوما كان لطلحة بديل من سائر الصحابة المقيمين؟ جواب ذلك عند التاريخ في نهاية عهد عثمان، وعند التاريخ في بداية عهد علي، وعند عمر قبل ذلك باثنتي عشرة سنة.
وآية الآيات دستوره في اختيار الستة دون سائر الصحابة من الأنصار والمهاجرين.
أتراه اختارهم جزافا كما شاء؟! ذلك دستور لا يلزم الناس جميعا ولا حجة له عليهم فيه إذا سألوه عن فضل المختارين على غير المختارين؟
ناپیژندل شوی مخ