فَعلم ﷺ أَن آخر أمته لَا يَخْلُو من أَوْلِيَاء وبدلاء يبينون للْأمة ظواهر شرائعه وبواطن حقائقه ويحملونهم على آدابها ومواجبها إِمَّا بقول أَو بِفعل
فهم فِي الْأُمَم خلفاء الْأَنْبِيَاء وَالرسل صلوَات الله عَلَيْهِم وهم أَرْبَاب حقائق التَّوْحِيد والمحدثون وَأَصْحَاب الفراسات الصادقة والآداب الجميلة والمتبعون لسنن الرُّسُل صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة
وَلذَلِك روى عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ (لَا يزَال فِي أمتِي أَرْبَعُونَ على خلق إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ﵇ إِذا جَاءَ الْأَمر قبضوا)
وَقد ذكرت فِي كتاب الزّهْد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعي التَّابِعين قرنا فقرنا وطبقة فطبقة إِلَى أَن بلغت النّوبَة إِلَى أَرْبَاب الْأَحْوَال الْمُتَكَلِّمين على لِسَان التفريد وحقائق التَّوْحِيد وَاسْتِعْمَال طرق التَّجْرِيد فَأَحْبَبْت أَن أجمع فِي سير متأخري الْأَوْلِيَاء كتابا أُسَمِّيهِ طَبَقَات الصُّوفِيَّة أجعله على خمس طَبَقَات من أَئِمَّة الْقَوْم ومشايخهم وعلمائهم فأذكر فِي كل طبقَة عشْرين شَيخا من أئمتهم الَّذين كَانُوا فِي زمَان وَاحِد أَو قريب بَعضهم من بعض وأذكر لكل وَاحِد من كَلَامه وشمائله وَسيرَته مَا يدل على طَرِيقَته وحاله وَعلمه بِقدر وسعى وطاقتي
وَهَذَا بعد أَن استخرت الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَفِي جَمِيع أموري وبرئت فِيهِ من حَولي وقوتي وَسَأَلته أَن يُعِيننِي عَلَيْهِ وعَلى كل خير ويوفقني لَهُ ويجعلني من أَهله وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه وَسلم كثيرا
1 / 21