ما جرى فى كل وقت من خدعة ومكيدة. لئلا يبعد من يد المتناول قطف الثمرة اليانعة، ولا يطول على فكر المتأمل وجود الزبدة النافعة. وأحر به ذلك، فإن فضله وإن لم يدرك زمانه باقى النفع بادى الأثر، والروض ينبئ عن فضيلة الغيث وإن ولى أوان المطر. فدعاني وقوف همتى عليه إلى اقتفاء أثره، [9] وسلوك ما سنه فى ورده وصدره. وصلا للسلك الذي بدأ [1] بنظامه، ونيابة عنه فى تشييد ما بناه بعد انقضاء أيامه، وسنة لمن بعدنا يستمر الآتي منها على سيرة الغابر، ويتصل بحبل الأول فيها حبل الآخر، لا تعاطيا منا للمساجلة، ولا تماديا فى المماثلة، لا مجاراة فى المضمار، ولا مساواة فى الإختيار، ولا ما قاله زهير:
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما ... على تكاليفه فمثله لحقا
فهيهات كيف الطمع فى اللحاق، وقد شأى المتقدم فى السباق. لا سيما وطرف الفصاحة تحتي كاب، وحد البلاغة فى يدي ناب. فأين المصلى من المجلى. وأين الكهام من الحسام. وأين السنيح من المعلى، وأين العاطل من المحلى. أريها السها وتريني القمر ولكنى أقول ما قاله فى البيت الثاني:
أو يسبقاه على ما كان من مهل ... فمثل ما قدما من صالح سبقا
هذا لعمري أقرب إلى الصواب، وأليق بهذا الباب. فأحسنت القياس وسلمت قصبة السباق وأعطيت القوس باريها، وأنشدت الضالة باغيها. [10]
مخ ۱۲