تنبيه: قد تقدم في أثناء سيرة الإمام شرف الدين نبذة من سيرة ولده ملك بني الزهراء وآية مجدهم الكبرى، الذي سارت بهمته، وشدة عزيمته، وحسن سياسته وعظيم رئاسته الركبان، واشتهرت دولته وعزماته القاصعة، وبراهين جهاداته الساطعة عند كل إنسان حتى صار مثلا يضرب لأهل الزمان ويتشبه بسياسته رؤساء كل أوان: المطهر بن الإمام، ولنذكر يسيرا من أخباره بعد استقلاله بالأمر في آخر مدة والده الإمام وبعد موته -عليه السلام-، فنقول: استمرت مملكته على جهات المغارب جميعا، ملك إلى المنقب، وذلك مما يتصل بصنعاء وبلاد الأهنوم، وعذر والشرف متصلا [بتهامة]، ومن جهة الظاهر إلى البون وجميع بلاد حجة ونواحيها وحصونها [جميعا]، من سنة أربع وخمسين إلى سنة خمس وسبعين، ثم انبسطت يده على جميع اليمن الأعلى، وملك صنعاء، ثم استولى على بعض اليمن الأسفل [أيضا] كتعز وعدن وتلك الجهات، واستمر له ذلك سنتين، ثم خرج الوزير سنان من جهة السلطان [الأعظم] سليم بن سليمان بجنود لا تنعد، وبقي المطهر بصنعاء إلى أن وصل الوزير ذمار بعد أن استولى على جميع الجهات التي [قد] كانت تحت [يد] المطهر من اليمن الأسفل، ثم تقدم المطهر إلى ثلاء بعد أن أجلي عن صنعاء، وتقدم إليه الوزير، وحط بحوشان وفد الباشا حسن لحرب كوكبان، وكان حطاطه ببركة الحلب فوقعت بين المطهر والوزير سنان حروب جمة، ذهب فيها من القتلى خلق كثير، واستمر القتال قدر ثمانية أشهر، وانضاف إلى المطهر رؤساء أهل البيت الكرام مثل السيد شمس الدين أحمد بن الحسين وأشراف الجوف، ولما لم يطق الوزير سنان حرب المطهر، وأضرت به المطاولة مع كثرة الجنود الواسعة عالج في الصلح، ورجع إلى الروم، وولى على اليمن الباشا بهرام واستمر الصلح إلى أن مات المطهر، ومدة مملكته مستقلا بالأمر خمس وعشرين سنة ونصف، وكانت وفاته بثلاء يوم الأحد في سادس شهر رجب سنة ثمانين وتسعمائة، وكان بعد وفاته من الأمور مالا يتسع لشرحها المسطور، {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون }[يس: 83] وهذا ما اتصل إلينا ذكره من شرح سيرة الإمام شرف الدين وولده [السيد] فخر الدين.
مخ ۱۹۱