الذريعة إلى مکارم الشريعة
الذريعة إلى مكارم الشريعة
پوهندوی
د. أبو اليزيد أبو زيد العجمي
من الفعل، نحو ظننت أن تخرج وأن خرجت، وإنما استعمل الظن بمعنى العلم في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) لأمرين:
أحدهما: تنبيه أن علم أكثر الناس في الدنيا بالإضافة إلى علمه في الآخرة كالظن في جنب العلم.
والثاني: أن العلم الحقيقي في الدنيا لا يكاد يحصل إلا للنبيين والصديقين المعنيين بقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا.
والظن متى كان عن أمارة قوية فإنه يمدح به، ومتى كان عن تخمين لم يعتمد ذُم به
حيث قال تعالى: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) .
وأما الفراسة: فالاستدلال بهيئات الإنسان وأشكاله وألوانه وأقواله على أخلاقه وفضائله ورذائله، وربما يقال: هي صناعة صيادة لمعرفة أخلاق الإنسان وأحواله، وقد نبَّه اللَّه تعالى على صدقها بقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)
وقوله: (تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ)
وبقوله: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) .
ولفظها من قولهم فرس: السبع الشاة، فكأن الفراسة اختلاس المعارف، وذلك ضربان: ضرب يحصل للإنسان عن خاطر لا يعرف سببه، وذلك ضرب من الإلهام، بل ضرب من الوحي، وإياه عني بقوله ﷺ: " المؤمن ينظر بنور الله "، وهو الذي
يسمى صاحبه المروع والمحدث، وقال ﷺ: " إن يكن في أمتي محدث فهو عمر "
وقيل في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)
إن ما كان وحيًا بإلقائه في الروع، وذلك يكون للأنبياء كما قال تعالى:
(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)
وقد يكون لإلهام في حال اليقظة، وقد يكون في حال المنام؛ ولذلك قال ﵊:
1 / 145