الذريعة إلى مکارم الشريعة
الذريعة إلى مكارم الشريعة
پوهندوی
د. أبو اليزيد أبو زيد العجمي
في الإيمان:
اختلف في الإيمان: هل هو الاعتقاد المجرد أم الاعتقاد والعمل معًا، واختلافهم بحسب اختلاف نظرهم، فمن قال: هو الاعتقاد المجرد فنظر منه إلى اشتقاق اللفظ وإلى أنه قد فصل بينهما في عامة القرآن، فعطف العمل عليه كقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)
ولأن النبي ﷺ فرق بينهما في خبر جبريل حين سأله
عن الإسلام وعن الإيمان، ففسر الأول بالأعمال والثاني بالاعتقاد.
ومن قال: هو الاعتقاد والعمل فلقوله ﷺ: " الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار با لسان، وعمل بالأركان ".
وكذلك اختلفوا هل يكون في الإيمان زيادة ونقصان، فقال قوم: يكون ذلك فيه لقوله تعالى.: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ)
وقوله: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)
وقوله: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) .
ومن خالفهم قال: الشيء إنما يزيد بغلبته على ضده، وينقص بغلبة ضده عليه، قالوا: والإيمان لا يحصل إلا بعد أن يكون غالبًا على الكفر فلا يضامه حتى يقال: إنه غلب عليه.
ولذلك اختلفوا في جواز إطلاق اسم الإيمان على من أقر بالشهادتين، فقال
بعضهم: يجوز ذلك نظرًا منه إلى قوله ﷺ في الجارية التي سألها عن الله فأشارت نحو السماء، وعن النبوة فأشارت إليه ﷺ، فقال: " اعتقها فإنها مؤمنة "، ولأن الإيمان ليس بذي منزلة واحدة، ومن قال: لا يجوز فنظر منه إلى قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)
ولما روي عنه ﷺ أنه قال: " من قال: أنا مؤمن، فهو فاسق، ومن قال: أنا عالم، فهو جاهل "
فإن قيل:
1 / 162