بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله حمد الشَّاكِرِينَ، وصلواته على سيد الْمُرْسلين، مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وَآله الطاهرين، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. شكا إِلَى بعض من أثرت شكواه إثارة همتي فِي جمع هَذَا الْكتاب، من بلَاء ابتلى بِهِ، وَهوى هوى فِيهِ، وسألني الْمُبَالغَة فِي وصف دَوَاء دائه، فأهديت لَهُ نصيحة وديد لأودائه، وَقد أتيت بهَا على أبلغ تَرْتِيب، وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب. فصل: اعْلَم يَا أخي، وفقنا الله وَإِيَّاك لمراضيه، وعصمنا وَإِيَّاك عَن مَعَاصيه، أَنَّك لم تشك إِلَى مرضك إِلَّا وفيك بعد بَقِيَّة ترجى بهَا السَّلامَة، فبادر إِلَى اسْتِعْمَال الدَّوَاء، وَبَالغ فِي مُلَازمَة الحمية، وَقد رَجَوْت لَك الْعَافِيَة. فَأَما إِن كنت تمضى فِي تخليصك وَلَا تصبر على مضض مَا يُوصف لَك، فَإنَّك تتعبنى وتتعب. وَأعلم أَنِّي قد نزلت لِأَجلِك فِي هَذَا الْكتاب عَن يفاع الْوَقار، إِلَى حضيض التَّرَخُّص فِيمَا أورد، اجتذابا لسلامتك، واجتلابا لعافيتك، وَقد مددت فِيهِ النَّفس بعض الْمَدّ، لِأَن مثلك مفتقر إِلَى مَا يلهيه من الأسمار، عَن الْفِكر فِيمَا هُوَ بصدده من الأخطار، فَلْيَكُن هَذَا الْكتاب سميرك، وَاسْتِعْمَال مَا آمُرك بِهِ فِيهِ شغلك، وَالله ولى صلاحك، فَإِنَّهُ لَا عَاصِم إِلَّا من رحم.

1 / 1

فصل: وَقد ضمنت هَذَا الْكتاب خمسين بَابا، وَهَذِه تراجم الْأَبْوَاب: الْبَاب الأول: فِي الْعقل وفضله وَمَا جَاءَ فِيهِ. الْبَاب الثَّانِي: فيذم الْهوى والشهوات. الْبَابُ الثَّالِثِ: فِي ذِكْرِ مُجَاهَدَةِ النَّفس ومحاسبتها وتوبيخها. الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي مَدْحِ الصَّبْرِ والحث عَلَيْهِ. الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي حِرَاسَةِ الْقَلْبِ من التَّعَرُّض بالشواغل والفتن. الْبَابُ السَّادِسُ: فِي ذِكْرِ مَا يصدأ بِهِ الْقلب. الْبَابُ السَّابِعُ: فِي ذِكْرِ مَا يَنْفِي عَن الْقُلُوب صداها. الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي ذِكْرِ تَقْلِيبِ الْقُلُوبِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إصلاحها. الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي ذِكْرِ الْوَاعِظِ من الْقلب. الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي الأَمْرِ بِتَفْرِيغِ الْقلب من غير محبَّة. الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ: فِي الأَمْرِ بغض الْبَصَر. الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي ذَمِّ فضول النّظر. الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي التَّحْذِيرِ من شَرّ النّظر. الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي النَّهْيِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْمُرْدَانِ وَمُجَالَسَتِهِمْ. الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ إِثْم النّظر وعقوبته. الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ مَنْ عَاقَبَ نَفْسَهُ عَلَى النَّظَرِ. الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَخْذُ بَصَره خوف الْفِتْنَة. الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَام. الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي مُعَالَجَةِ الْهَمِّ وَالْفِكْرِ الْمُتَوَلِدِ عَنِ النَّظَرِ. الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ مَا يَصْنَعُ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ.

1 / 2

الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: فِي تَحْرِيم الْخلْوَة بالأجنبية. الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من فتْنَة النِّسَاء. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْوِيفِ من الْفِتَن ومكايد الشَّيْطَان. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من المعاصى وقبح أَثَرهَا. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذَمِّ الزِّنَا. الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ: فِي التحذير من عمل قوم لوط. الْبَاب السَّابِع وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ عُقُوبَةِ اللُّوطِيِّ فِي الدُّنْيَا. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْرِ عُقُوبَة اللوطي فِي الْآخِرَة. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّحْذِيرِ من الْعُقُوبَات. الْبَابُ الثَّلاثُونَ: فِي الْحَثِّ عَلَى التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار. الْبَاب الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي الافتخار بالعفاف. الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي ذكر مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَتَرَكَ ذَنْبَهُ. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلاثُونَ: فِي الْحَثِّ على النِّكَاح. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذَمِّ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ مَاهِيَّة الْعِشْق وَحَقِيقَته. الْبَابُ السَّادِسُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ سَبَب الْعِشْق. الْبَابُ السَّابِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ ذمّ الْعِشْق. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ ثَوَابِ مَنْ عَشَقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالثَّلاثُونَ: فِي ذِكْرِ الآفَاتِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْعَاشِقِ مِنَ الْمَرَضِ وَالضَّنَى وَالْجُنُونِ، وَغَيْرِ ذَلِك. الْبَابُ الأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ الْحِيَلِ والمخاطرات بالنفوس وإلقائها إِلَى الْهَلَاك لأجل لِقَاء المحبوب. الْبَاب الْحَادِي الْأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ ضُرِبَتْ بِهِ الْأَمْثَال من العشاق.

1 / 3

الْبَابُ الثَّانِي وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى أَنْ زنى بمحارمه. الْبَابُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ من كفر بِسَبَب الْعِشْق. الْبَابُ الرَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ الْعِشْقُ عَلَى قَتْلِ النَّاس. الْبَابُ الْخَامِسُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَار من قتل معشوقة. الْبَابُ السَّادِسُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْعُشَّاقِ. الْبَابُ السَّابِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أَخْبَار من قَتله الْعِشْق. الْبَابُ الثَّامِنُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ الْعِشْقِ. الْبَابُ التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ: فِي ذِكْرِ أدوية الْعِشْق. الْبَاب الْخَمْسُونَ: فِيهِ مَجْمُوع وَصَايَا وزواجر ومواعظ. فَهَذِهِ جَمِيع أَبْوَاب الْكتاب. وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا.

1 / 4

الْبَابُ الأَوَّلُ فِي ذِكْرِ الْعَقْلِ وَفَضْلِهِ وَذِكْرِ مَاهِيَّتِهِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَاهِيَّةِ الْعَقْلِ اخْتِلافًا كَثِيرًا فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ غَرِيزَةٌ يَتَأَتَّى مَعَهَا دَرْكُ الْعُلُومِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ قُوَّةٌ يُفَضَّلُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ جَوْهَرٌ بَسِيطٌ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ جِسْمٌ شَفَّافٌ وَقَالَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ هُوَ نُورٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُحَاسِبِيِّ أَيْضًا مِثْلُهُ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ الْعَقْلُ غَرِيزَةٌ كَأَنَّهَا نُورٌ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ فَيَسْتَعِدُّ لإِدْرَاكِ الأَشْيَاءِ فَيَعْلَمُ جَوَازَ الْجَائِزَاتِ وَاسْتِحَالَةَ الْمُسْتَحِيلاتِ وَيَتَلَمَّحُ عَوَاقِبَ الأُمُورِ وَذَلِكَ النُّورُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَإِذَا قَوِيَ ذَلِكَ النُّورُ قَمَعَ بِمُلاحَظَةِ الْعَوَاقِبِ عَاجِلَ الْهَوَى ذِكْرُ مَحِلِّ الْعَقْلِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ مَحِلُّهُ الْقَلْبُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الشَّافِعِيِّ ﵁ وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَتكون لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا﴾

1 / 5

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.