وقال المتنبي في ذلك:
وكيف يَتِمُّ بأسُكَ في أُناسٍ ... تُصِيبُهمُ فَيُؤْلِمُكَ المُصَابُ
وقال البحتريّ من قصيدةٍ له يمدح بها المتوكل على الله العباسي ويذكر صلحَ بني تغلب -:
وفِرسانِ هَيْجاءٍ تَجِيشُ صدُورُها ... بأحقادها حتى تضيقَ دُرُوعُها
تُقتِّلُ من وِتْرٍ أعَزَّ نُفوسِها ... عليها بأيْدٍ ما تكادُ تُطيعها
إذا احْترَبتْ يوْمًا ففاضَتْ دِماؤُها ... تَذكَّرَتِ القُرْبى ففاضتْ دموعُها
وقال سيدنا علي كرم الله وجهه - حين تصفح القتلى يوم الجمل: شفيت نفسي، وجدعت أنفي - وسيمر بك هذا الكلام بتمامه في موضع آخر من هذا الكتاب. . . ومنهم من يركب رأسه ويُخِبُّ في عداء أقاربه خبًّا ولا يُبالي - وقد قال قائلهم - أوس بنُ حَبْناء التّميمي -:
إذا المَرْءُ أولاك الهَوانَ فأَوْلِه ... هَوانًا وإنْ كانَتْ قريبًا أواصِرُ
ويبلغ الحمق بهذا الصنف من الناس أن يظاهر الأجنبي على القريب وقد شبه العرب هذا الصنف بذئب السوء قال الفرزدق:
وكُنتَ كذِئبِ السُّوءِ لمَّا رَأى دَمًا ... بصاحبِه يَومًا أحالَ على الدَّمِ
وهو معلوم أن الذئب إذا رأى بصاحبِه دمًا أقبل عليه ليأكله وإنه لبديهي أن هذا التمالؤ للأجنبي على القريب لا يثمر إلا الضررَ الموبقَ، وقد قال قائلهم في ذلك - وهو أبو يعقوب الخريمي -:
كانوا بني أمٍّ ففَرَّقَ شَمْلَهُم ... عَدمُ العُقولِ وخِفَّةُ الأحْلامِ
1 / 46