إذا كُنتَ في قومٍ عِدًى لستَ مِنْهُمُ ... فكلْ ما عُلِفْتَ مِنْ خَبيثٍ وطَيِّبِ
عالوا به يريد: علوا به، كل مركب: صعب أو ذلول، يريد: وإن حمّلوه ما لا يستطيع، ومن الجانب الأقصى، يريد: من الحيِّ الأبعد، وقوله: ولم تك منهم، يروى:
إذا كنت في قوم عِديً لستَ منهم
وعِدًى بالكسر: غرباء، فأما قوم عدى فقد ورد فيها الضم والكسر وقوله: فكل ما علفت: فهذا مثل، يريد به: المسالمة والمداراة، ويروى للشاعر بعد هذا البيت:
فإنْ حَدَّثتك النفسُ أنّك قادِرٌ ... على ما حَوَتْ أَيْدِي الرجالِ فكَذِّبِ
وقديمًا أكثروا من شكوى الأقارب: من جهة أنهم بحكم تجاورهم وقرابتهم أدنى إلى الحسد والعداوة، فقالوا: الأقارب عقارب وأمتُّهم بك رَحِمًا أشدُّهم بك لَدْغا، وقال بعض حكماء العجم: ثلاث لا يستصلح فسادهم بشيء من الحيل: العداوة بين الأقارب، وتحاسد الأكفاء، والركاكة في الملوك. . . ولذلك شكوا من أن عداوة الأقارب أشد على النفس من عداوة الأباعد فقالوا: - والقائل طرفة بن العبد -:
وَظُلمُ ذَوِي القربى أشَدُّ مَضاضةً ... على المرءِ مِنْ وَقْعِ الحُسامِ المُهنَّدِ
وقال الشريف الرّضيّ:
ولِلذُّلِّ بين الأقربينَ مَضاضةٌ ... والذُّلُّ ما بينَ الأباعدِ أرْوَحُ
وإذا أتَتْكَ مِن الرجالِ قَوَارِصٌ ... فسِهامُ ذِي القُربى القريبةِ أجْرَحُ
فمنهم من يحلم ويبقى على مقتضيات القرابة، ويتجافى عن ذنوب
1 / 43