من غصون الشجر ثم استعمل اتساعًا في الرحم المشتبكة وقال عبد الله بن أبي أوفى: كنا مع النبي ﷺ، فقال: لا يجالسنا قاطع رحم، فقام شاب، فأتى خالةً له، - وكان بينه وبينها شيء - فأخبرها بقول النبي ﷺ، فاستغفرت له واستغفر لها، ثم رجع والنبي ﷺ في مجلسه فأخبره، فقال النبي: إن الرحمة لا تنزل على قاطع رحم. وفي الحديث: (من أحب أن يبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أجله، فليصل رحمه) ينسأ: يؤخر ومنه الحديث. (صلة الرحم مثراة في المال منسأة في الأثر). منسأة: مفعلة من النسء أي مظِنَّة له وموضع، والأثر: الأجل، وفي الحديث: لا تستنسؤوا الشيطان أي إذا أردتم عملًا صالحًا فلا تؤخروه إلى غد ولا تستمهلوا الشيطان، يريد: أن ذلك مهلة مسوّلة من الشيطان. ولعل المراد من تبسيط الرزق ومد العمر: البركة والخير والسعادة ورفاغة العيش، وللعلماء في ذلك كلام كثير راجعه في المطولات. . .
وكان الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم: مَن كان منهم يؤثر أقرباءه بالولايات والعِمالات وإسناد أمور الدولة إليهم، فإنما كان ذلك - بعد كفاية الأقرباء واستحقاقهم - للبر صِرْفًا، أي امتثالًا لأمر الله في وجوب صلة الرحم، ومن كان منهم يؤثر الأجانب ويُقصي الأقارب ويحرمهم أعمالَ الدولة. فإنما كان ذلك للبر أيضًا، إذ كان ذلك إمعانًا في التورع والتأثم وتَركًا لما يريب إلى ما لا يريب. . . وفي ذلك يقول الخليفة عثمان بن عفان ﵁: كان عمر يمنع أقرباءه ابتغاء وجهِ الله، وأنا أعطي قراباتي لوجه الله، ولن يُرى مثلُ عمر. . . فتأمل قوله: ولن يُرى مثل عُمر. . . أي لن يبلغ إنسان مبلغه في
1 / 37