ذخیرونه او ملاوې
الذخائر والعبقريات
خپرندوی
مكتبة الثقافة الدينية
د خپرونکي ځای
مصر
ژانرونه
انقِضاءُ أجلِه في عُمُرِك، قال: أحْسَبُه تركَ صِبْيةً صِغارًا ولَمْ يَتْرُكْ عليهم كثيرَ مَعاش؟ فقال: إنّ الذي وَكَلَهم إليه غيرُك،. . . وقال الفرزدق:
فقُلْ لِلشَّامِتينَ بِنا أفيقُوا ... سيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَما لَقينا
وحكى المبرّد عن بعضهم: أنّه شَهِدَ رجلًا على قبرٍ وهو يُكثر البُكاءَ، فقلتُ: أعلى قريبٍ أو على صديقٍ؟ فقال: أخصُّ مِنهما، قد كان لي عَدُوًّا، فخرج إلى الصيد، فرأى ظَبْيًا فتَبِعَه، فَعَثَرَ بالسَّهم، فخَرَّ هو والظّبْيُ ميِّتين، فدُفِنَ، فانْتَهَيْتُ إلى قبرِه شامِتًا به، فإذا عليه مكتوب:
وما نَحْنُ إلا مِثلُهمْ غَيْرَ أنَّنا ... أقَمْنا قليلًا بَعْدَهُمْ وتَرَحَّلوا
فها أنا ذا واقِفٌ أبكي على نَفْسي. . . ولمّا ماتَ الفَرزدقُ بكى عليه جريرٌ ورثاه، فقيل له: أبعدَ تلكَ العَداوة! فقال: لَمْ أرَ اثنينِ بلَغَا الغايةَ ومات أحَدُهما إلا ولَحِقَه الآخرُ عن كثَبٍ، فكان كذلك. . . وقال سيِّدُنا رسولُ الله: (لا تُظْهِرِ الشَّماتةَ لأخيك فيعافيه اللهُ ويَبْتليك) - أقول: يبدو أن الشَّماتةَ - وهي أنْ تَفْرحَ بالبليَّةِ تَنْزلُ بِمَنْ يُعاديك - من الغَرائِزِ الإنسانية اللّئيمة، ومِنْ ثَمَّ لم ينْهَ سيدُنا رسولُ الله عن كونِها - وجودِها - وإنّما نَهى عَنْ إظْهارها، لأنَّ ذلك هو الذي في استطاعةِ المَرْء، مِثْلها مثلُ الحَسدِ والظنِّ والطِّيرة، ولذلك ورد في الأثر أيضًا: (إذا ظنَنْتُمْ فلا تَحَقَّقوا، وإذا حَسَدْتُمْ فلا تَبْغوا، وإذا تطيَّرْتُمْ فامْضوا، وعلى اللهِ فتَوكّلوا). . . يقول صلواتُ اللهِ عليه: إذا حَسَدْتم: أي تمنَّيْتُمْ زوالَ نعمةِ اللهِ على مَنْ أنْعَمَ عليه فلا تَتَعدّوا وتَفْعلوا ما يَقتضيه هذا الخلقُ الذَّميم، وإذا ظنَنْتُم سوءًا بِمَنْ ليس مَحَلًا لسوءِ الظنِّ به فلا تَتَحقّقوا ذلك باتِّباعِ مَوارِدِه والعملِ على مُقْتضاه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ والظنُّ أكْذَبُ الحَديثِ، ومَنْ أساءَ الظنَّ في غيرِ موضِعِه دلَّ على عدمِ
1 / 306