ذخیرونه او ملاوې
الذخائر والعبقريات
خپرندوی
مكتبة الثقافة الدينية
د خپرونکي ځای
مصر
ژانرونه
وأقبلوا جميعًا تحتَ أثقالها الجديدة رُزَّحًا حَسْرى، وُلَّهًا حَيْرى وقد ملؤوا السهلَ والحَزْنَ ضجّةً وأنينا. ورنةً وحنينا. ثم أدركتهم رحمةُ الله، فأمرهم بطرحِ أثقالِهم كَرّةً أخرى، فألقَوْها فرحين بإلقائِها مسرورين. وأمر الوهمَ تلك الشيطانة التي غرّرت بهم وضلّلتهم، أن تنصرفَ، فانصرفت، وأرسل الإلهُ بدلَها ملكًا كريمًا، جِدَّ مخالفٍ لها هيئةً وشكلًا. مباينًا لها خَلقًا وخُلقًا، رزينَ الحركة ثابتَ الجنان، قد جمع في هيئتِه بين الطّلاقة والجِدِّ والوقار والبِشر، لا ينفكُّ من حينٍ إلى آخر يرفع نحو السماء طرفَه، ويسمو إلى عرش الله بأملِه، واسم هذا الملك. الصبر. وأعجب ما رأيت أنّ هذا الملك ما قام بجانبِ جبلِ الآلام إلا وأخذ الجبلُ يهبط
ويَضْؤُل حتّى لم يبقَ منه أكثرُ من رُبْعه، ثمَّ أعاد ملكُ الصبرِ إلى كلٍّ حظَّه الأوّل، وألهمه الصبرَ الجميلَ، وأشعر قلبَه قوةَ الجَلَدِ ونورَ اليقين، فراح مُغتبِطًا سعيدًا يَحْمد اللهَ على كلِّ ما أعطاه، تائبًا ممّا اقترفَه من الجهلِ وجناه.
فممّا أفدتُ من هذه العِظاتِ والعبر أنّي لستُ حقيقًا أن أتبرَّمَ بشيءٍ ممّا يصيبني به اللهُ أو أنفِسَ على امرئٍ هبةً أو نعمةً، إذ كان مستحيلًا على امرئٍ أن يعلمَ حقيقةَ جاره ويعرف سرَّ صاحبه ويقف على مبالغ أحزانه وأشجانِه وكربِه، ونُوَبِه، وبلاياه، ورزاياه، فكلٌّ لكلٍّ سرٌّ غامضٌ وخزانةٌ مقفلةٌ وسِفرٌ مطبقٌ. ولكني آليت على نفسي أن آخذَ نفسي بثلاث: كِتمان العلة، وكتمان الفاقة، وكتمان المصيبة، مع الصبر عليها جميعًا، وأنْ لا أحْسُدَ امرأً على شيءٍ، وأن أكون أبدًا حاضرَ الصَّفح للناس، واسعَ العفو، إذ كان أعقلُ الناس أعذرَهم للناس. . .
1 / 244