كثيرًا من عبقرياتهم في هذا المعنى - معنى فعل الخير حُبًا في الخير، وولوعًا بالحق والجمال والمثالية الكامنة فيه.
ومما رُوي لنا من أحاديث سيدنا رسول الله في هذا الباب قوله صلوات الله عليه: (رأيت الجنة والنار فلم أرَ مثل الخير والشر). . . قال ابن الأثير في النهاية: أي لم أر مثلهما لا يميز بينهما فيبالغ في طلب الجنة والهرب من النار. . . أقول: ولعل الأظهر أن يكون المعنى: لم أر شيئًا يكون وصلة إلى دخول الجنة مثل الخير، ولم أر شيئًا يكون سببًا في دخول النار مثل الشر. . . هذا، وإن أبى الملحدون وأشباه الملحدين إلا أن يؤولوا الجنة بأنها الهناءة وغبطة الروح التي يشعر بها الأخيار البررة ويراحون لها في هذه الحياة، والنار بأنها الشقاوة التي يعانيها الأشرار الفجرة، ويتسعر لهيبها في أحناء ضلوعهم، فهم وما يختارون ويحلولي لهم، إذ أن هذا - أي سعادة الخيّر في الدنيا وشقاوة الشرير فيها - حق وصحيح في ذاته، وإن لم يك مرادًا لأنبياء الله ورسلِه بالجنة والنار، حين يريدون الجنة والنار بمعناهما المعروف، على أن الإسلام على ذلك يعتد بالسّعادة والشّقاوة في الدنيا كما أنّه يعتد بهما فيما بعد الموت. . . وفي الحديث أيضًا: (خيركم من يُرْجى خيره ويؤمن شرّه، وشرُّكم من لا يُرجى خيرُه ولا يؤمن شرُّه). . . وقال صلوات الله عليه:
1 / 6