دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
ژانرونه
أما من يقرأ الحديثين الآخرين، حديث موسى وحديث أيوب، يجد أنه يجوز أن يتعرى المرء إذا كان خاليًا، لأن هذا الفعل من أنبياء، وهم أكرم الخلق وأخشاهم لله، ولم ينههم الله ﷾ عن ذلك، فدل على جواز التعري في الخلوة.
وهذان معنيان متضادان يجب التأليف بينهما. وقد تكلم فيها العلماء ودرؤوا التعارض الواقع بينهما.
أقوال العلماء في درء التعارض:
١- قال الإمام النووي: " والتستر بمئزر (١) ونحوه في حال الاغتسال في الخلوة أفضل من التكشف، والتكشف جائز مدة الحاجة في الغسل ونحوه (٢) ..، والزيادة على قدر الحاجة حرام على الأصح". وموضع الدلالة من هذا الحديث أن موسى ﵊ أغتسل في الخلوة عريانا، وهذا يتم على قول من يقول من أهل الأصول أن شرع من قبلنا شرع لنا. والله أعلم (٣) .
٢- وذهب ابن قدامة من الحنابلة إلى الجمع بين الأحاديث، وذلك بجواز الاغتسال عريانًا في الخلوة، مستدلا بحديث موسى وأيوب ﵉، واستحباب التستر، مستدلا بحديث "فالله أحق أن يستحيا منه من الناس" (٤) .
٣- قال ابن حجر: ظاهر حديث بهز يدل على أن التعري في الخلوة غير جائز مطلقا، لكن استدل على جوازه في الغسل بقصة موسى وأيوب ﵉، ووجه الدلالة منه، أنهما ممن أمرنا بالاقتداء به، وهذا إنما يأتي على رأي من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا. والذي يظهر أن وجه الدلالة منه أن النبي ﷺ قص القصتين ولم يتعقب شيئا منهما فدل على موافقتهما لشرعنا، وإلا فلو كان فيهما شيء غير موافق لبينه، فعلى هذا يجمع بين الحديثين بحمل حديث بهز بن حكيم على الأفضل.
(١) والتستر بالمئزر: بأن يجعل حائلا من القماش أو غيره يحول دون نظر الناظرين إليه. (٢) نحوه: كتغيير الملابس وقضاء الحاجة. (٣) شرح مسلم بتصرف (٤/٣٢) . وينظر المجموع (٢/١٩٧) . (٤) ينظر الشرح الكبير (١/١١٢) .
1 / 176