دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
دفع إيهام تعارض أحاديث الأحكام في كتاب الطهارة
ژانرونه
فإن قائل قال: فإنا قد رأينا الذبيحة لابد من التسمية عندها ومن ترك ذلك متعمدًا لم تؤكل ذبيحته، فالتسمية أيضا على الوضوء كذلك، قيل له: ما ثبت في حكم النظر أن من ترك التسمية على الذبيحة متعمدًا أنها لا تؤكل، لقد تنازع الناس في ذلك.
فقال بعضهم تؤكل، وقال بعضهم لا تؤكل، فأما من قال تؤكل فقد كفينا البيان لقوله.
وأما من قال لا تؤكل فإنه يقول: إن تركها ناسيًا تؤكل، وسواء عنده كان الذابح مسلمًا أو كافرًا، بعد أن يكون كتابيًا.
فجعلت التسمية هاهنا في قول من أوجبها في الذبيحة إنما هي لبيان الملة.
فإذا سمى الذابح صارت ذبيحته من ذبائح الملة المأكولة ذبيحتها، وإذا لم يسم جعلت من ذبائح الملل التي لا تؤكل ذبائحها.
والتسمية على الوضوء ليس للملة إنما هي مجعولة لذكر على سبب من أسباب الصلاة، فرأينا من أسباب الصلاة: الوضوء وستر العورة، فكان من ستر عورته لا بتسمية لم يضره ذلك.
فالنظر على ذلك أن يكون من تطهر أيضا، لا بتسمية لم يضره ذلك.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى. (١)
قلت:
في قول الطحاوي ﵀ نظر من عدة وجوه:
١- أن حديث المهاجر بن قنفذ –﵁ ورد بلفظ (كرهت) كما أنه كان بالإمكان التطهر، فأراد النبي –ﷺ أن يفعل الأكمل والأحسن، لذا تطهر ثم رد السلام، ولو لم يكن التطهر بالإمكان لرد السلام قبل أن يتطهر، لأن التطهر للذكر مندوب؛ ورد السلام واجب، فإذا أمكن الإتيان بهما جميعًا فهو الأفضل، وإن كان يلزم من الإتيان بأحدهما تفويت الآخر وجب الإتيان بالواجب وترك المندوب.
أما ما يدل على أن التطهر للذكر مندوب وليس بواجب فكثير في السنة، منه قوله ﷺ لعائشة لما حاضت في الحج: "افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري" (٢) .
(١) شرح معاني الآثار ١/٢٦-٢٩. (٢) جزء من حديث عائشة ﵂، أخرجه البخاري (١/٤٠٧) .
1 / 113