ولا وجوبه عليهم = وهذا العلم العام لا يمكن فيه الغَلَطُ من الخبر، ولا التأويل، ولا يجوز فيه التنازع) (^١)
ومما يُبيِّن هذا المصطلح عند الإمام الشافعي = جَرَيانُه بالمعنى نفسه عند غيره من العلماء ممن جاء بعده. ومثال ذلك: قول ابن خزيمة ﵀: (بابُ ذِكْر إثبات العلم لله ﷿ -تباركت أسماؤه وجّلّ ثناؤه- بالوحي المُنزَّل على النبي المصطفى ﷺ؛ الذي يُقرأ في المحاريب والكتاتيب = من العلْمِ الذي هو من علم العام، لا بنقل الأَخبار التي هي من نَقْلِ علم الخاص ...) (^٢)
فَبيّنٌ أَنَّ مرادَ ابنِ خزيمة بـ (علم العام) ما كان معلومًا ضرورةً من الدِّين؛ فإن إثباتَ العلمِ لله تعالى مما لا يُنَازِع في أَصْلِهِ أَهلُ الإسلام. فكلامه مبين لمراد الشَّافعي ﵀ كاشف عن مَقصوده بـ (العلم العام)
وأما خبر الخاصة = فهو ما كان مفتقرًا إلى إسنادٍ ومعرفتُهُ واقعة للعلماء؛ إذْ لم يقع التكليف به لِمَنْ دونهم.
فإذا استبان مرادُهُ ﵀ من خبر الخاصة؛ بقي أنْ يُعْلَم أَنَّ حَدَّ ما يَصحُّ عند الشافعي أن يطلق عليه إجماع هو = ما كان معلومًا من الدِّين بالضرورة؛ بحيث لا يعزب عن أَحدٍ علمُه، وتنقلُه العامة عن العامة. أي = إنه ما كان من الرُّتبة الأُولى -وهو علم العامّة- فلا تتأتّى حكايته حينئذٍ في خبر الخاصة.
وفي تقرير الإِجماعِ عنده-: -يقول: (لستُ أَقولُ، ولا أَحدٌ من أهل العلم: هذا مُجْمَعٌ عليه = إلَاّ لِمَا لا تَلْقَى عالمًا أبدًا إلاّ قاله لك، وحكاه عن من قبله؛ كالظُهر أربع، وكتحريم الخمر، وما أَشْبَه