لو كانت الشورى كما يقول فلاسفتنا اليوم هي الديمقراطية ما نشأت هذه المشاكل ولا تلك الفتن المتتالية، بل لأمكن حلها بيسر وهدوء لوجود مؤسسات الديمقراطية الفعالة، ومؤسسات الدولة وسيادة القانون الذي يعرفه الجميع ويحترمه الجميع، وإلى جواره المؤسسات التي تضمن تنفيذه وتردع الخارجين عليه، كل ذلك لم يكن موجودا. كان الموجود شيئا اسمه الشورى القبلية التي لا علاقة لها بالديمقراطية. كان الفعل القبلي هو المسيطر قبل الإسلام وبعد الإسلام، ولا شيء عن الدولة ولا من الدولة كان معلوما، ولا حتى اسمها.
يتابع الدكتور بشار عواد معروف ليقول: «إن توسيع دائرة الاجتهاد، وضع الأسس الكفيلة بأن يكون هذا الاجتهاد ممثلا لعلماء الأمة، الذين تتوافر لديهم أدوات الاجتهاد بعد استشارة أهل الذكر، هو المفهوم الأمثل لما يسمى في عصرنا بالسلطة التشريعية، مع اختلافنا في المصطلحات؛ لأن المشرع في الأصل هو الله سبحانه وتعالى، ونحن نقر بأن الشريعة إلهية بقواعدها ومقاصدها، وأن تفاصيلها تبنى على تلك القواعد، وتحقق تلك المقاصد، فيما لم يأت به نص صريح. فسلطة الإنسان إنما تقوم على هذه الشريعة الإلهية، وتفصل بها وتقنن لأصولها وتفرع لكلياتها. وكذلك فإن لهذا الإنسان سلطة الاجتهاد فيما لم ينزل به شرع سماوي، شريطة أن تظل السلطة التشريعية محكومة بإطار الحلال والحرام الشرعي - أي محكومة بإطار فلسفة الإسلام في التشريع.» ا.ه.
إذن؛ فالدكتور يطلب الآتي لضمان قيام دولته المرتقبة ونجاحها: (1)
يجب توفير علماء من الأمة تتوافر فيهم شروط الاجتهاد وأدواته. (2)
يقوم هؤلاء بالاجتهاد، لكن بعد استشارة أهل الذكر (؟!)، ولا تعلم لماذا لا يكون علماء الأمة هم أهل الذكر؟ أم هو توزيع سلطات؟ (3)
البند 1 و2 هما الفهم الأمثل للسلطة التشريعية في زماننا. (4)
بذلك نكون قد وضعنا جهاز السلطة التشريعية بأنفسنا وبأيدينا بعد أن نكون قد حددنا من هم أهل الذكر؟ ولكن من هم أهل الذكر؟ هل هم من قصدهم القرآن أهل الكتاب كما أجمعت التفاسير والأحاديث، وهو ما لا يصلح هنا مرجعا بمفرده؟ أم أهل الذكر هم علماء الإسلام (مشايخه) كما يقول البعض نشازا ويصرون على نشازهم؟ فمن إذن سيقوم بالاجتهاد إذا كانوا هم أهل ذاتهم؟ أم يمكن لحل المشكلة، تقسيمهم إلى علماء درجة أولى، وعلماء درجة ثانية مثلا؟ هذا كلام يتحدث عن أشياء غير موجودة؛ لذلك هو كلام غير مفهوم. (5)
بعد وضع وصنع جهازنا التشريعي بدقة علينا ألا ننسى أن المشرع في الأصل هو الله سبحانه (؟!)، وهذا مجرد اختلاف في المصطلحات؟ لماذا؟ يجيبنا: لأننا ونحن نشرع فإننا نرجع لأهل الذكر، وبذلك نكون قد أقررنا بأن الشريعة إلهية بقواعدها ومقاصدها. ولا تفهم إذا كان يقر بذلك فلماذا كل هذا الجهد وتلك المشقة لوضع جهاز تشريع إسلامي من نوع فريد، ترجع فيه السلطة التشريعية لأهل الذكر، وكلاهما يرجع للشريعة الإسلامية لأنها «إلهية بقواعدها ومقاصدها». لماذا لا تطبق كما هي حتى لا نقع في رأي محظور حرام؟ (6)
ما ستقوم به السلطة التشريعية هو وضع تفاصيل تبنى على قواعد الشريعة وتحقق تلك المقاصد. ولم يشرح لنا ما هي القواعد التي تقوم عليها الشريعة والتي ستحقق السلطة التشريعية مقاصدها ولا ما هي هذه المقاصد. (7)
إن كل الزيطة السالف إيرادها سنستخدمها فقط فيما لم يأت به نص صريح من كتاب أو سنة! وليس أبعد من ذلك! (8)
ناپیژندل شوی مخ