دولت اسلامي او ژر تباهي
الدولة الإسلامية والخراب العاجل
ژانرونه
وإذا كان صنع القرار السياسي في عصر الخلافة الراشدة كان يتم وفق هذه الصياغات الكبيرة المحدثة التي يقدمها لنا الإسلاميون المحدثون أمثال الدكتور فوزي، فهلا عرفنا حضراتهم كيف كان تدبير السيدة عائشة زوجة النبي
صلى الله عليه وسلم
العميق لاتخاذ القرار بشن الحرب على ابن عم النبي وخليفته علي بن أبي طالب، وشقت على الإمام عصا الطاعة؟ كيف صنعت السيدة عائشة قرارها السياسي؟ وهل كان قرارها منوطا بمصالح المسلمين؟ وكيف رفض معاوية إعطاء البيعة للخليفة الشرعي علي بن أبي طالب؟ وكيف صدر قرار إبادة آل بيت النبوة إبادة شاملة في مجزرة هي الخزي ذاته في تاريخنا العتيد؟ وكيف تم اتخاذ القرار السياسي منوطا بالمصلحة لضرب الكعبة بالمنجنيق وتدميرها وحرقها على المستغيثين بها؟ هل كان هذا المجتمع مسلما أم غير مسلم؟ لقد كان هذا هو مجتمع الصحابة الذي يدعوننا إليه الدكتور فوزي وجماعته.
لا يشك أحد في سلامة إيمان الصحابة، لكن الواقع أن الإسلام لم يقصد إلى إقامة دولة يتخذ فيها القرار السياسي من الشريعة، فلم تكن الدولة ضمن أهدافه بالمرة؛ لأنها لو كانت هدفه، فلا شك أن دولة الصحابة كانت هي الهدف النموذجي للدولة الإسلامية محققا على الأرض، ولكن ما كان محققا على الأرض هو مما لا يليق أن ننسبه إلى الإسلام ولا إلى رب الإسلام؛ فالرب لو أراد دولة لهيأ لها ما يجعلها أعظم الدول عبر كل التاريخ؛ لذلك لا يمكن أن نصف دولة كلها دم وقتل وفتن بأنها هي دولة الإسلام التي يريدون عودتنا لها كي ننجو مما نحن فيه اليوم فنستجير من الرمضاء بالنار، الأكرم للإسلام ألا تنسبه إلى الصحابة مهما علا قدرهم لأنهم في النهاية بشر بضعف ومطامع البشر، والأكرم للإسلام ألا ننسبه إلى تلك الدولة الراشدة أو غيرها؛ لأنها لم تكن دولة الإسلام بل دولة العرب ودينها الإسلام. كانت إمبراطورية العرب، وما جرى فيها من ظلم وسحق وحرق يعود إلى مطامع تخص البشر العرب الحاكمين ولا علاقة للإسلام كدين بهكذا دولة.
الدين الإسلامي طلب منا الإسلام، ولم يطلب منا الدولة، طلب منا أن نعبد الله ونطيعه أملا في رحمته وكريم غوثه، ولم يطلب منا الانضمام إلى حزب الله أو حزب البعث، ولم يطلب منا الإسلام أن نستدعيه اليوم لنستمع إلى رأيه الشرعي في عملية صناعة القرار السياسي، بينما لم تكن السياسة ولا الدولة ضمن شواغله أو اهتماماته أصلا.
ويبقى أن نصف ما قال الدكتور بأنه عبارة نابية، فقولته «التصرف على الرعية»، عبارة تهين العقل وتشين المواطنين وتفرض عليهم الوصاية والهيمنة. أما كلامه عن التدبير والتفكير العميق فهي أدوات السحر والشعوذة، هي حركات بهلوانية كاذبة تعمد إلى إعطاء الإيحاء أنه يعمل بالعقل، بينما هو لم يعمل فيما قال حتى الآن سوى بالنقل.
الملاحظ أنهم الفريق الوحيد الذي ليس لديه أي حل مبرمج لمشاكل الوطن، فهم يضعون شرطا مسبقا هو تمكينهم أولا من الحكم حتى يأتونا بعد ذلك بالحل، فإذا كان هناك حل فهل حرام إعلانه على الناس؟ أم أن الحل جاهز وموجود هو ونموذج الدولة الإسلامية الراشدة كما يعلنون في حالات أخرى؟
ولهذا السبب تحديدا فإن المجتمع لا يبدو مقتنعا بصدق ما تطرحه عليه فرق الإسلام السياسي؛ لأنه لو اقتنع حقا وصدقا لصار منهم، ولشاهدنا في مصر سبعين مليون لحية غير مشذبة وسبعين مليون لباس باكستاني. شعبنا خجول وحساس تجاه الدين فيقدم ما يثبت هذا الحياء فيقبل الحجاب ويطبق الشروط الدالة على الإسلام على الطرف الأضعف، لكنه لا يطلق لحيته ولا يربط رأسه برباط أبي الحكم أو أبي لهب. لو كان الناس مقتنعين حقا لشاركوا في تغطية الإخوان المسلمين في الانتخابات بالحضور بنسبة 100٪ وليس 15٪. الناس منسحبون من مباراتكم يا دكتور فوزي؛ لأنهم يعلمون أنه صراع على الحكم وأنه ليس لهم ولا لدينهم مصلحة فيما يحدث.
نتابع معا استكشاف مجاهل الخطاب الإسلامي السياسي للعثور على ما يمكن التعامل معه، رغم خداع هذا الخطاب ومخاتلته وعدم شفافيته ولا وضوحه ولا تدقيق ما يقول من ألفاظ أو عبارات. نتابع أستاذ علوم سياسية يضع لسياستنا في الدولة الإسلامية المقبلة طريقة صنعها للقرار السياسي بالاستناد إلى الشريعة، حتى يتحقق الوئام ونكون قد أصلحنا بما في أنفسنا فينصرنا الله على القوم الكافرين.
يقول الدكتور فوزي خليل في: «إن لدينا قواعد صارمة وضعها علماء الشريعة يجب توافرها في القائمين على إعداد القرارات ذاتها، ومرجعية هذه القرارات.»
ناپیژندل شوی مخ