دعوة الرسل عليهم السلام
دعوة الرسل عليهم السلام
خپرندوی
مؤسسة الرسالة
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٣هـ
د چاپ کال
٢٠٠٢م
ژانرونه
﴿يَا قَوْمِ﴾ مذكرا بعلاقة القربى، ووَحْدَة النسب ليسمعوه، ويفكروا فيما يدعوهم إليه؛ لأن حب الإنسان لأهله وقومه أشد من حبه لغيرهم، وهو لا يكذب عليهم أبدا؛ ولذلك كان يناديهم بهذا النداء دائما، حتى وهو يردّ على شتائمهم، ولم يكتفِ بهذا النداء بل أخذ يبيِّن لهم إخلاصه لهم، ونصحه إياهم، قائلا لهم: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ ١.
ب- عايش نوح ﵇ واقع قومه وهو يدعوهم، ولعل ذلك أجلى في الشرح، وأدعى للفهم والإقناع.
إن قوم نوح أصحاب زراعة، ورعي، وتجارة، يحتاجون للمطر يسقيهم، وللأنهار تروي زرعهم، وللسماء تظلّهم، وللشمس تدفئهم، وللقمر ينير لهم، وهم يقطعون سبل الأرض، وفجاج الصحراء، ومعهم الأموال والأولاد.
تلك حياة القوم، وهذا هو واقعهم، فماذا قال لهم نوح ﵇ وهو يدعوهم؟ لنقرأ الآيات؛ لندرك مدى معايشة نوح لواقع المدعوين، يقول الله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا، مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا، أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا، وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا، وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا، ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا، وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا، لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا﴾ ٢.
إن الآيات شاهد واضح على أن نوحا ﵇ كان يعيش حياة قومه، ويقدم لهم الأدلة من الواقع الذي يتعاملون معه، وكلها آيات كونية وإنسانية، ناطقة بأن الله واحد، لا شريك له، ويجب أن يُعبَد وحده.
_________
١ سورة الأعراف آية: ٦٢.
٢ سورة نوح الآيات: ١٠-٢٠.
1 / 70