وأما لعن شخص معين فلا يجوز من غير معصوم إلا مقيدا بها، بأن يقال: لعنه الله إن مات كافرا أو فاسقا، لقوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله}[البقرة:161] لأنه ربما يسلم أو يتوب، فكيف يحكم بأنه ملعون، أي مبعد من الله، وربما يموت مقربا عند الله؛ لأن الأحوال تتقلب على الأعيان.
قلت: ذكر الفاسق بما فيه من نقص يختص به كالتقصير لا يجب لزوال المقتضى وهو الحذر منه، وأما بما فيه تحذير فلا يعد بقاء الأمر فيه للوجوب على ظاهره.
فإن قلت: مجروح العدالة الذي لم تبلغ معصيته الفسق هل يلحق بالفاسق في حل غيبته كما لحق به في أنه لا يؤم ولا يحكم، أو بالمؤمن في عدم الحل كما لحق به في حل صرف الزكاة إليه، وفي غسله وتكفينه والصلاة عليه؟
قلت: الظاهر عدم الحل إلا بما فيه تحذير.
اعلم أن الغيبة من أعظم آفات اللسان، وقلما سلم من خطرها إنسان، وقد تكلم العلماء رضي الله عنهم في حقيقة الغيبة المحرمة وفي ذمها، وفي الأشياء الحاملة عليها، وفي الدواء الذي يمنع من وقوعها، وفي التخلص من إثمها، وفي الأعذار المرخصة فيها، فهذه ستة مباحث.
مخ ۴