دیوید کوپرفیلډ
ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون
ژانرونه
وقد كان طوال اليوم يغسل زجاجات الخمر مع ميلي بوتيتوز ومك ووكر؛ لكن معاناة روحه الخفية كانت تكبر عندما يتذكر ترادلز وستيرفورث، ويتصورهما وهما يكبران ليصيرا رجلين مهذبين متعلمين، بينما رفيقاه الآن في كل يوم غلامان جلفان جاهلان، وهو نفسه لا أمل لديه في أن يصبح أفضل حالا منهما البتة.
وشعر بانحطاط القدر بسبب عمله الوضيع، وأحس أيضا أنه لم يفعل شيئا يستحق عليه هذه الإهانة؛ ورغم أنه يراسل بيجوتي كثيرا، فلم يجرؤ على إخبارها كم كان تعيسا، من ناحية لأنه يحبها، وهذا من شأنه أن يحزنها، ومن ناحية أخرى لأنه كان يشعر بخزي شديد.
لم يتعرف ديفيد على أي أحد سوى أسرة ميكوبر؛ كما لم يتكلم مع أي أحد من الأولاد الكثيرين الذين كان يراهم يوميا لدى ذهابه إلى المستودع أو رجوعه منه، أو عندما يتجول خلسة في الشوارع أثناء أوقات تناول الطعام. لقد كان يزداد تكتما، واعتمادا على النفس، وفقرا في المظهر كل يوم.
لم يخبر ديفيد الولدين اللذين يعمل معهما قط كيف صار به الأمر إلى العمل هناك في مثل هذه المهنة الوضيعة، كما لم يخبرهما كم يكرهها. لقد كان يؤدي عمله ويحتفظ برأيه لنفسه؛ لكن التفكير في بيجوتي ووالدته وأيام الماضي السعيد كان يكاد يكسر قلبه.
وكان الأولاد والرجال الذين في المستودع يشعرون أنه مختلف عنهم. وقد بدءوا يسمونه «الفتى المهذب»، وأحيانا «الفتى القادم من مقاطعة سافك.» وذات يوم اعترض ميلي بوتيتوز على هذا؛ لكن مك ووكر أسكته في الحال.
وقد كان كبير عمال التعبئة في المستودع، وهو رجل يدعى جريجوري، وسائق العربة، ويدعى تب، يناديانه «ديفيد» أحيانا؛ لكن هذا حدث غالبا بعد أن أمتعهم بأجزاء من «مغامرات رودريك راندوم» وبقية الكتب القديمة الحبيبة.
وكان غرا وصبيانيا جدا لدرجة أنه أحيانا لا يستطيع مقاومة المعجنات البائتة المعروضة للبيع بنصف الثمن على أبواب طهاة المعجنات، وينفق ماله على شراء قطع التورتة الصغيرة، ومن ثم يضطر للاستغناء عن اللحم في غدائه.
وذات مرة أخذ ديفيد خبزه معه وكان ملفوفا في قطعة من الورق - حيث أحضره من المنزل في الصباح - وذهب إلى محل جميل أنيق بقرب مسرح دروري لين، وطلب طبقا صغيرا من لحم البقر ليأكله بالخبز الذي معه.
فحدق النادل بقوة في الفتى الصغير، لكنه أحضر له اللحم، ثم بعد ذلك نادى نادلا آخر ليأتي وينظر إليه.
يا إلهي! آه لو كان لأمه أن تراه الآن! أو بيجوتي! حيث أصبح طفلا بالي الثياب، يعمل من الصباح حتى المساء مع العامة من الرجال والأولاد! ويتسكع في الشوارع في أوقات الوجبات، ولا يكاد يأكل ما يكفيه!
ناپیژندل شوی مخ